للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وباليمين ابدأ البيت، معناه أن التيامن في الانتعال مطلوب، فيلبس نعله اليمنى قبل نعله اليسرى، بخلاف الخلع، فيطلب فيه التياسر، وقد جاء الأمر بذلك منصوصا في الحديث الشريف، ولفظه عند مالك - رحمه الله تعالى - " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمنى أولهما تُنعل، وآخرهما تُنزع " (١) قال ابن ناجي - رحمه الله تعالى -: قال الشيخ محي الدين النووي في شرح مسلم في قول عائشة - رضي الله تعالى عنها -: كان رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يعجبه التيامن في تنعله وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله، هذه قاعدة مستمرة في الشرع، وهي أن ما كان من باب التكريم والتشريف، كلبس الخف، والسراويل، ودخول المسجد، والسواك، وغسل أعضاء الوضوء، وتقبيل الحجر الأسود، وغير ذلك، مما يستحب التيامن فيه، فأما ما كان مثل دخول الخلاء، والخروج من المسجد، والاستجمار، والاستنجاء، وخلع الثوب، والسراويل، وما أشبه ذلك، فيستحب التياسر فيه، وذلك لكرامة اليمنى وشرفها.

ومقتضى كلام أصحابنا أن التيامن مطلوب أيضا في ما ليس فيه تشريف ولا ضده، كدخول المنزل والخروج منه، فيطلب التيامن فيهما جميعا، وهو ظاهر قول عائشة - رضي الله تعالى عنها -: وفي شأنه كله، وقد خرج بالنص ما كان من قبيل التنزه، ونحوه، كالاستطابة، والامتخاط، وذكر بعض أهل العلم أن في معنى الكنيف أماكن السوء، كمواضع الظلم والجور، وبيوت الظلمة، وحوانيت الصيارفة ونحوهم، فيطلب التياسر عند دخولها، والتيامن عند الخروج منها، وأن في معنى المسجد الأماكن الشريفة كلها، كالبيوت المعهودة لتعليم القرآن الكريم، والشرع الشريف، وحوائط المساجد ونحو ذلك، وهو مقتضى القاعدة التي تقدم ذكرها.

قوله: والانتعال قائما قد حلا، معناه أن لبس الرجل مثلا نعليه وهو قائم جائز، كلبسهما قبل أن يقوم.


(١) متفق عليه.

<<  <   >  >>