للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: والماء مصه، معناه أن شرب الماء يطلب أن يكون مصا، وينهى عن عبه، لأنه لا يروي، فيوجب الإكثار منه، وقد تقدم النهي عن السرف في الشرب، وجاء في بعض الأخبار أن شربه عبا يضر بالكبد، (١) والعب هو شرب الماء بلا تنفس، بأن يواصل بلعه، وينهى عن عب غير الماء أيضا من جهة الأدب إن لم ينه عنه من جهة الطب، وفي جامع ابن أبي زيد: قال مالك - رحمهما الله تعالى -: ولا بأس بالشرب من فم السقاء، وما بلغني فيه نهي، قيل: فمن ثلمة القدح وما يلي الاذن؟ قال: قد سمعت سماعا، وما علمت فيه بشيء، كأنه يضعفه.

وقال سيدي زروق - رحمه الله تعالى -: ومن المعلوم أن السنة شرب الماء بالمص، واللحم بالنهش، والخبز بالقرض، إلا لعذر فيجوز غير ذلك.

قوله: ولك طعامك ومضغا أنعم، معناه أنه يطلب أن يلوك طعامه، بأن يديره في فمه، مجيدا مضغه، ليلين ويمتزج بالريق، فينحدر إلى معدته سهل الهضم، مع ما في ذلك من الاستمتاع بطعمه، وهذا يستلزم تصغير اللقمة مثلا، ويكره التصويت بالمضغ، والارتشاف، واللعق، فيفعل ذلك كله برفق، ويروض نفسه على ذلك.

قوله: ونظفن فاك، معناه أنه يؤمر بتنظيف فمه بعد الفراغ من الطعام، بأن يتمضمض، لأن عدم تنظيفه بعده يؤدي إلى تغير رائحته، خاصة في اللحم ونحوه، ويؤدي إلى تسوس الأسنان، وقد جاء أنه صلى الله تعالى عليه وسلم شرب لبنا فمضمض، وقال: " إن له دسما " (٢) فإذا كان الأمر كذلك في اللبن مع يسارة دسومته، فما بالك باللحم والودك ونحو ذلك.


(١) رواه الديلمي في الفردوس وأبو نعيم في الطب، وهو ضعيف جدا.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>