قوله: وليبدإ الراكب البيت، أشار به إلى ما جاء في حديث الصحيح من أمر الراكب بالسلام على الماشي، والماشي بالسلام على القاعد، (١) والصغير بالسلام على الكبير، والقليل بالسلام على الكثير، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: ومعنى ذلك إذا التقيا فإن كان أحدهما راكبا والآخر ماشيا، بدأ الراكب بالسلام، وإن كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير بالسلام، وأما المار بغيره أو الداخل عليه فهو الذي يبدأ بالسلام، وإن كان ماشيا، والذي يمر به راكبا أو صغيرا، وكذا السائر في الطريق إذا لحق بغيره فتقدمه، وجب عليه أن يبدأه بالسلام، وإن كان صغيرا أو راكبا وهو ماش.
قوله: واستحسنوا تصافحا البيتين، معناه أن المصافحة عند التلاقي مستحبة على المشهور، لحديث الموطإ " تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء " وجاء عن مالك - رحمه الله تعالى - أيضا أنه كرهها، قال ابن أبي زيد: وسئل مالك - رحمهما الله سبحانه وتعالى - عن المصافحة، فقال: إن الناس ليفعلون ذلك، وأما أنا فلا أفعله وفي حاشية الحطاب - رحمه الله سبحانه وتعالى -: قال الأقفهسي: المصافحة وضع بطن كف على كف أخرى عند التلاقي، مع ملازمة لهما قدر ما يفرغ من السلام، ومن سؤال عن غرض لهما، أو كلام، وأما اختطاف اليد بأثر التلاقي، فذلك مكروه، وهل يشد كل واحد منهما على يد صاحبه قولان، وعزى للزناتي منع تصافح الرجل والمرأة، وإن كانت متجالة، قال: لأنها من المباشرة.
(١) روى الشيخان من حديث أبي هريرة " يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير " وفي لفظ للبخاري " يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير ".