للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وانظر ما معنى هذا، فقد أشكل علي، لأنه إن أراد المرأة التي ليست بمحرم فهو غريب، إذ لا يجوز مس شيء من بدنها على أي وجه، دون ضرورة داعية لذلك، وإن أراد المحرم أشكل أيضا لما هو معلوم في غير موضع من جواز ذلك، وفي جامع ابن أبي زيد - رحمه الله تعالى -: قيل لمالك - رحمه الله تعالى -: أرأيت من قدم من سفر فتلقاه ابنته أو أخته فتقبله؟ قال: لا بأس بذلك، وقال أيضا: لا بأس أن يقبل خد ابنته، قيل: أفترى أن تقبله ختنتُه أو تعانقه وهي متجالة؟ فكره ذلك.

وقد جاء في حديث التيمم أن أبا بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - جاء إلى عائشة - رضي الله تعالى عنها - وعاتبها وجعل يطعن بيده في خاصرتها، قالت: فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - على فخذي (١)

قوله: ومالك قد كره التعانقا، معناه أن مالكا - رضي الله تعالى عنه - كره أن يعانق الرجل الرجل، وقال: قال الله سبحانه وتعالى: (وتحيتهم فيها سلام) وأجازه ابن عيينة - رحمه الله تعالى - وقيل يجوز إن كان عن طول غيبة، وجاء أن سفيان بن عيينة قدم على مالك - رحمهما الله سبحانه وتعالى - فصافحه، وقال له: لولا أنها بدعة لعانقتك، فاحتج عليه سفيان بمعانقة النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - لجعفر - رضي الله تعالى عنه - حين قدم من أرض الحبشة، (٢) فقال مالك - رحمه الله تعالى -: كان ذلك خاصا بجعفر، وكأنه راعى في ذلك عدم العمل به، ورآه سفيان عاما، قاله ابن أبي زيد في جامعه، قال: وأجازه مالك في رسالته لهارون الرشيد - رضي الله تعالى عنه - أن يعانق قريبه يقدم من سفره، قال: وقيل إن هذه الرسالة لم تثبت لمالك.


(١) متفق عليه.
(٢) رواه الحاكم في المستدرك، وصححه.

<<  <   >  >>