وأما قوله: وهكذا التقبيل لليد قلى، معناه أن مالكا - رحمه الله تعالى - كره تقبيل اليد في السلام، قال ابن أبي زيد في جامعه: وسئل مالك - رحمهما الله تعالى - عن الرجل يقبل يد الوالي، أو رأسه، أو المولى يفعل ذلك لسيده؟ قال: ليس ذلك من عمل الناس، وهو من عمل الأعاجم، قيل: فيقبل رأس أبيه؟ قال: أرجو أن يكون خفيفا، وسئل في رواية أخرى هل يقبل يد أبيه أو عمه؟ قال: لا أرى أن يفعل، وإن من العبرة أن من مضى لم يكن يفعل ذلك، قيل: فالمرأة تبالغ في بر زوجها، فتلقّاه فتنزع ثيابه، ونعليه، وتفليه، وتقف حتى يجلس؟ قال: أما تلقيها ونزعها فلا بأس، وأما قيامها حتى يجلس فلا، وهذا فعل الجبابرة، وربما يكون الناس ينتظرونه، فإذا طلع قاموا إليه، فليس هذا من أمر الإسلام، ويقال إن عمر بن عبد العزيز - رضي الله تعالى عنه - فعل ذلك به أول ما ولي حين خرج إلى الناس، فأنكره، وقال: إن تقوموا نقم، وإن تقعدوا نقعد، وإنما يقوم الناس لرب العالمين.
٢٢٠٠ - لا تبتدئ أهل الكتاب بالسلام ... فقد نهى عن ذاك سيد الأنام
٢٢٠١ - صلى وسلم عليه الله ... والال والصحب ومن تلاه
٢٢٠٢ - والاستقالة بها لا يؤمر ... فهْي لما وقع ليست تجبر
٢٢٠٣ - ولتقلنَّ وعليكم حيث ما ... عليك بعض هؤلاء سلما
٢٢٠٤ - وإن تقل عليكم السلام ... بالكسر فالبعض له يعتام
قوله: لا تبتدئ أهل الكتاب بالسلام البيت، معناه أنه لا ينبغي أن يبدأ المسلم اليهود والنصارى بالسلام، للنهي عن ذلك في حديث الصحيح، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: لأن السلام تحية وإكرام، وقد قال الله عز وجل:(تحية من عند الله مباركة طيبة) فيجب أن لا يكون الكافر أهلا لها.