قَالَ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن حزم رَضِي الله عَنهُ
الْحَمد لله كثيرا وَصلى الله على مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله خَاتم أنبيائه بكرَة وَأَصِيلا أما بعد فَإِن كثيرا من النَّاس كتبُوا فِي افْتِرَاق النَّاس فِي دياناتهم ومقالاتهم كتبا كَثِيرَة جدا فبعض أَطَالَ وأسهب وَأكْثر وهجر وَاسْتعْمل الأغاليط والشغب فَكَانَ ذَلِك شاغلاً عَن الْفَهم قَاطعا دون الْعلم وَبَعض أحذف وَقصر وقلل وَاخْتصرَ وَاضْرِبْ عَن كثير من قوي معارضات أَصْحَاب المقالات فَكَانَ فِي ذَلِك غير منصف لنَفسِهِ فِي أَن يرضى لَهَا بِالْغبنِ فِي الْإِبَانَة وظالماً لخصمه فِي أَن لم يوفه حق اعتراضه وباخساً حق من قَرَأَ كِتَابه إِذا لم يغنه عَن غَيره وَكلهمْ إِلَّا نحلة الْقسم عقد كَلَامه تعقيداً يتَعَذَّر فهمه على كثير من أهل الْفَهم وَحلق على الْمعَانِي من بعد حَتَّى صَار ينسي آخر كَلَامه أَوله وَأكْثر هَذَا مِنْهُم ستائر دون فَسَاد معانيهم فَكَانَ هَذَا مِنْهُم غير مَحْمُود فِي عاجله وآجله
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فجمعنا كتَابنَا هَذَا مَعَ استخارتنا الله عز وَجل فِي جمعه وقصدنا بِهِ قصد إِيرَاد الْبَرَاهِين المنتجة عَن الْمُقدمَات الحسية أَو الراجعة إِلَى الْحس من قرب أَو من بعد على حسب قيام الْبَرَاهِين الَّتِي لَا تخون أصلا مخرجها إِلَى مَا أخرجت لَهُ وَألا يَصح مِنْهُ إِلَّا مَا صححت الْبَرَاهِين الْمَذْكُورَة فَقَط إِذْ لَيْسَ الْحق إِلَّا ذَلِك وبالغنا فِي بَيَان اللَّفْظ وَترك التعقيد راجين من الله تَعَالَى على ذَلِك الْأجر الجزيل وَهُوَ تَعَالَى ولي من تولاه ومعطي من استعطاه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق رُؤْس الْفرق الْمُخَالفَة الدّين الْإِسْلَام سِتّ ثمَّ تتفرق كل فرقة من هَذِه الْفرق السِّت على فرق وسأذكر جماهيرها إِن شَاءَ الله عز وَجل فَالْفرق السِّت الَّتِي ذَكرنَاهَا على مراتبها فِي الْبعد عَنَّا أَولهَا مبطلوا الْحَقَائِق وهم الَّذين يسميهم المتكلمون السوفسطائية ثمَّ الْقَائِلُونَ بِإِثْبَات الْحَقَائِق إِلَّا أَنهم قَالُوا إِن الْعَالم لم يزل وَأَنه