وَمن الْمحَال الْمُمْتَنع أَن يكون عِنْد العيسويين رَسُولا صَادِقا نَبيا ثمَّ يجور وَيظْلم ويبدل دين الْحق فوضح فَسَاد قَوْلهم وتناقضه بِيَقِين لَا إِشْكَال فِيهِ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَهَكَذَا يُقَال لمن أقرّ بنبوة بعض الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام من فرق الصابئين كإدريس وَغَيره مِمَّن لَا يُوقن بِصِحَّة قَوْلهم فِيهِ كعادمون واسقلاببوس وايلن وَغَيرهم وللمجوس المقتصرين على زرادشت فَقَط
أخبرونا بِأَيّ شَيْء صحت نبوة من تدعون لَهُ النُّبُوَّة فَلَيْسَ هَاهُنَا إِلَّا صِحَة مَا أَتَوْ بِهِ من المعجزات فَيُقَال لَهُم فَإِن النَّقْل إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي معجزاته أقرب عهدا وَأظْهر صِحَة وَأكْثر عدد ناقلين وَأدْخل فِي الضَّرُورَة وَلَا فرق وَلَا مخلص لَهُم من هَذَا أصلا لِأَنَّهُ نقل وَنقل إِلَّا أَن نقلنا أفشى وَأظْهر وَأقوى انتشاراً ومبدأ هَذَا مَعَ ذهَاب دين الصابئين وانقطاعهم وَرُجُوع نقلهم إِلَى من لَا يقوم بهم حجَّة لقلتهم ولعلهم الْيَوْم فِي جَمِيع الأَرْض لَا يبلغون أَرْبَعِينَ وَأما الْمَجُوس فَإِنَّهُم معترفون مقرون بِأَن كِتَابهمْ الَّذِي فِيهِ دينهم أحرقه الْإِسْكَنْدَر إِذْ قتل دَارا بن دَارا وَأَنه ذهب مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَأكْثر وَأَنه لم يبْق مِنْهُ إِلَّا أقل من الثُّلُث وَأَن الشَّرَائِع كَانَت فِيمَا ذهب فَإذْ هَذَا صفة دينهم فقد بَطل القَوْل بِهِ جملَة لذهاب جمهوره وَأَن الله تَعَالَى لَا يُكَلف أحدا مَا لَا يتكفل بحفظه حَتَّى يبلغ إِلَيْهِ وَفِي كتاب لَهُم اسْمه خذاي بِأَنَّهُ يعظمونه جدا أَن أنوشروان الْملك منع من أَن يتَعَلَّم دينهم فِي شَيْء من الْبِلَاد إِلَّا فِي أزدشيرخرة وَفَشَا من داتجرد فَقَط وَكَانَ قبله لَا يتَعَلَّم إِلَّا باصطخر فَقَط وَكَانَ لَا يُبَاح إِلَّا لقوم خَصَائِص وكتابهم الَّذِي بَقِي بعد مَا أحرق الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ سفرا فَلهم ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ هربذاً لكل هربذ سفر لَا يتعداه إِلَى غَيره وموبذ موبذ أَن يشرف على جَمِيع تِلْكَ الْأَسْفَار وَمَا كَانَ هَكَذَا فمضمون تبديله وتحريفه وكل نقل هَكَذَا فَهُوَ فَاسد لَا يُوجب الْقطع بِصِحَّتِهِ هَذَا إِلَى مَا فِي كتبهمْ الَّتِي لَا يَصح دينهم إِلَّا بِالْإِيمَان بهَا من الْكَذِب الظَّاهِر كَقَوْلِهِم أَن جرم الْملك كَانَ يركب إِبْلِيس حَيْثُ شَاءَ وَإِن مبدأ النَّاس من بقلة الريباس وَهِي الشرالية وَمن ولادَة بيروان سياوش بن كيفاوش بني مَدِينَة كنكدر بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وأسكنها ثَمَانِينَ ألف راجل من أهل البيوتات هم فِيهَا إِلَى الْيَوْم فَإِذا ظهر بهْرَام هماوند على الْبَقَرَة ليرد ملكهم نزلت تِلْكَ الْمَدِينَة إِلَى الأَرْض ونصروه وردوا دينهم وملكهم
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وكل كتاب دون فِيهِ الْكَذِب فَهُوَ بَاطِل مَوْضُوع لَيْسَ من عِنْد الله عز وَجل فَظهر فَسَاد دين الْمَجُوس كَالَّذي ظهر من فَسَاد دين الْيَهُود وَالنَّصَارَى سَوَاء سَوَاء وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
فصل فِي مناقضات ظَاهِرَة وتكاذيب وَاضِحَة فِي الْكتاب الَّذِي تسميه الْيَهُود التَّوْرَاة وَفِي سَائِر كتبهمْ وَفِي الأناجيل الْأَرْبَعَة يتَيَقَّن بذلك تحريفها وتبديله وَأَنَّهَا غير الَّذِي أنزل الله عز وَجل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ نذْكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَا فِي الْكتب الْمَذْكُورَة من الْكَذِب الَّذِي لَا يشك كل ذِي مسكة تَمْيِيز فِي أَنه كذب على الله تَعَالَى وعَلى الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام