كَذَلِك يوجدون من طفوليتهم والسيء الْخلق لَا يقدر على الْحلم والحي لَا يقدر على القحة والوقح لَا يقدر على الْحيَاء والعي لَا يقدر على الْبَيَان والطيوش لَا يقدر على الصَّبْر والغضوب لَا يقدر على الْحلم والصبور لَا يقدر على الطيش والحليم لَا يقدر على الْغَضَب والعزيز النَّفس لَا يقدر على المهانة والمهين لَا يقدر على عزة النَّفس وَهَكَذَا فِي كل شَيْء فصح أَنه لَا يقدر أحد إِلَّا على مَا يفعل بِمَا يتم الله تَعَالَى فيهم الْقُوَّة على فعله وَإِن كَانَ خلاف ذَلِك مُتَوَهمًا مِنْهُم بِصِحَّة البنية وَعدم الْمَانِع
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالْمَلَائِكَة والحور الْعين وَالْجِنّ وَجَمِيع الْحَيَوَان كُله فِي الِاسْتِطَاعَة سَوَاء كَمَا ذكرنَا وَلَا فرق بَين شَيْء فِي ذَلِك كُله وَكلهمْ قد خلق الله عز وَجل فيهم الِاسْتِطَاعَة الظَّاهِرَة بِصِحَّة الْجَوَارِح وَلَا يكون مِنْهُم فعل إِلَّا بعون وَارِد من الله تَعَالَى إِذا ورد كَانَ الْفِعْل مَعَه وَلَا بُد قد خلق الله عز وَجل فيهم اخْتِيَارا وَإِرَادَة وحركة وسكوناً هم أفعالهم على غَيرهَا وَالْمَلَائِكَة وحور الْعين معصومون لم يخلق الله تَعَالَى فيهم مَعْصِيّة أصلا لَا طَاعَة وَلَا مَعْصِيّة وَأما الَّذِي يقدر على كل مَا يفعل ومالا يفعل وَلم يزل قَادِرًا على كل مَا يخْطر بِالْقَلْبِ فَهُوَ وَاحِد لَا شريك لَهُ وَهُوَ الله عز وَجل لَيْسَ كمثله شَيْء وَلم يكن لَهُ كفوا أحد وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق