فصح أَن من لَا برهَان لَهُ على قَوْله فَلَيْسَ صَادِقا فِيهِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فصح بِمَا قُلْنَا أَن كل من كَانَ على غير الْإِسْلَام وَقد بلغه أَمر الْإِسْلَام فَهُوَ كَافِر وَمن تَأَول من أهل الْإِسْلَام فَأَخْطَأَ فَإِن كَانَ لم تقم عَلَيْهِ الْحجَّة وَلَا تبين لَهُ الْحق فَهُوَ مَعْذُور مأجور آجرا وَاحِدًا لطلبه الْحق وقصده إِلَيْهِ مغْفُور لَهُ خَطؤُهُ إِذْ لم يعتمده لقَوْل الله تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ وَلَكِن مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ} وَإِن كَانَ مصيباً فَلهُ أَجْرَانِ أجر لإصابته وَأجر آخر لطلبه إِيَّاه وَإِن كَانَ قد قَامَت الْحجَّة عَلَيْهِ وَتبين لَهُ الْحق فَعِنْدَ عَن الْحق غير معَارض لَهُ تَعَالَى وَلَا لرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ فَاسق لجراءته على الله تَعَالَى بإصراره على الْأَمر الْحَرَام فَإِن عِنْد عَن الْحق مُعَارضا لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ كَافِر مُرْتَد حَلَال الدَّم وَالْمَال لَا فرق فِي هَذِه الْأَحْكَام بَين الْخَطَأ فِي الِاعْتِقَاد فِي أَي شَيْء كَانَ من الشَّرِيعَة وَبَين الْخَطَأ فِي الْفتيا فِي أَي شَيْء كَانَ على مَا بَينا قبل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَنحن نختصر هَا هُنَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى ونوضح كل مَا أطلنا فِيهِ قَالَ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} وَقَالَ تَعَالَى {لأنذركم بِهِ وَمن بلغ} وَقَالَ تَعَالَى {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجاً مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} فَهَذِهِ الْآيَات فِيهَا بَيَان جَمِيع هَذَا الْبَاب فصح أَنه لَا يكفر أحد حَتَّى يبلغهُ أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن بلغه فَلم يُؤمن بِهِ فَهُوَ كَافِر فَإِن آمن بِهِ ثمَّ اعْتقد مَا شَاءَ الله أَن يَعْتَقِدهُ فِي نحلة أَو فتيا أَو عمل مَا شَاءَ الله تَعَالَى أَن يعمله دون أَن يبلغهُ فِي ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم بِخِلَاف مَا اعتقدوا قَالَ أَو عمل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ أصلا حَتَّى يبلغهُ فَإِن بلغه وَصَحَّ عِنْده فَإِن خَالفه مُجْتَهدا فِيمَا لم يبين لَهُ وَجه الْحق فِي ذَلِك فَهُوَ مُخطئ مَعْذُور مأجور مرّة وَاحِدَة كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِن أَخطَأ فَلهُ أجر وكل مُعْتَقد أَو قَائِل أَو عَامل فَهُوَ حَاكم فِي ذَلِك الشَّيْء وَإِن خَالفه بِعَمَلِهِ معانداً للحق مُعْتَقدًا بِخِلَاف مَا عمل بِهِ فَهُوَ مُؤمن فَاسق وَإِن خَالفه معانداً بقوله أَو قلبه فَهُوَ كَافِر مُشْرك سَوَاء ذَلِك فِي المعتقدات والفتيا للنصوص الَّتِي أوردنا وَهُوَ قَول إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَغَيره وَبِه نقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
الْكَلَام فِي تعبد الْمَلَائِكَة
وَتعبد الْحور الْعين والخلق المستأنف وَهل يَعْصِي ملك أَو لَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد قد نَص الله عز وَجل على أَن الْمَلَائِكَة متعبدون قَالَ تَعَالَى {ويفعلون مَا يؤمرون} وَنَصّ تَعَالَى على أَنه أَمرهم بِالسُّجُود لآدَم وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون لَا يسبقونه بالْقَوْل وهم بأَمْره يعْملُونَ} إِلَى قَوْله {وَمن يقل مِنْهُم أَنِّي إِلَه من دونه فَذَلِك نجزيه جَهَنَّم كَذَلِك نجزي الظَّالِمين} وَقَالَ تَعَالَى {وَللَّه يسْجد مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض من دَابَّة وَالْمَلَائِكَة وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ يخَافُونَ رَبهم من فَوْقهم ويفعلون مَا يؤمرون}
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فنص الله تَعَالَى على أَنهم مأمورون منهيون متوعدون مكرمون موعودون بإيصال الْكَرَامَة أبدا مصرفون فِي كتاب الْأَعْمَال وَقبض الْأَرْوَاح وأدار الرسَالَة إِلَى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام والتوكل بِمَا فِي الْعَالم الْأَعْلَى والأدنى وَغير ذَلِك كَمَا خالقهم عز وَجل بِهِ عليم وَقَوله تَعَالَى {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم ذِي قُوَّة عِنْد ذِي الْعَرْش مكين مُطَاع ثمَّ أَمِين} فَأخْبر عز وَجل أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مُطَاع فِي السَّمَاوَات وَأمين هُنَالك فصح أَن هُنَالك أوَامِر وتدبير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute