الَّذين أخذُوا عَنْهُم دينهم ويسمونهم تلاميذ وَأَنَّهُمْ فَوق الْأَنْبِيَاء كفار شكاك فَكيف يَأْخُذُونَ دينهم عَن كفار شكاك لَا مخرج لَهُم من أَحدهمَا وَلَو لم تكن إِلَّا هَذِه فِي أَنَاجِيلهمْ كلهَا لكفت فِي إِبْطَالهَا وَإِبْطَال جَمِيع مَا هم عَلَيْهِ من دينهم المنتن ثمَّ الْعجب كُله كَيفَ يشْهد عَلَيْهِم بِالشَّكِّ وهم يحكون أَنه قد ولاهم خطة الالهية وولاهم رُتْبَة الربوبية فِي أَن كلما حرمُوهُ فِي الأَرْض كَانَ حَرَامًا فِي السَّمَوَات وَكلما حللوه فِي الأَرْض كَانَ حَلَالا فِي السَّمَوَات فَكيف يجْتَمع هَذَا مَعَ هَذَا وَهل يَأْتِي بِهَذَا التَّنَاقُض من دماغه سَالم أَو فِيهِ آفَة يسيرَة بل هَذَا وَالله توليد أفاك كَاذِب واختراع عيار متلاعب ونعوذ بِاللَّه عز وَجل من الخذلان
[فصل]
فِي قرب آخر الْبَاب الثَّامِن عشر من إنجيل مَتى أَن الْمَسِيح قَالَ لتلاميذه إِذا اجْتمع اثْنَان مِنْكُم على أَمر فَلَيْسَ يسألان شَيْئا على الأَرْض إِلَّا أجابهم إِلَيْهِ أبي السماوي وَحَيْثُ اجْتمع اثْنَان أَو ثَلَاثَة على اسْمِي فَأَنا متوسطهم
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا الْفَصْل ظريف جدا وَكذب لَا يمطل ظُهُوره وَلَا يَخْلُو أَن يكون عني بِهَذِهِ المخاطبة تلاميذه خَاصَّة أَو كل من آمن بِهِ وَأي الْأَمريْنِ كَانَ فَهُوَ كذب ظَاهر وَمَا يشك أحد فِي أَن تلاميذه سَأَلُوا أَن يُجِيبهُمْ من دَعوه إِلَى مَا دَعوه إِلَيْهِ من دينهم وَأَن يتَخَلَّص من فتن من أَصْحَابه فَمَا أَعْطَاهُم شَيْئا من ذَلِك الَّذِي سَمَّاهُ أَبَاهُ السماوي
فَإِن قيل لم يسْأَلُون قطّ شَيْئا من ذَلِك قُلْنَا هَذِه طامة أُخْرَى لَئِن كَانَ هَذَا فهم غاشون للنَّاس غير مريدين لصلاحهم بل ساعون فِي هلاكهم هَيْهَات هَذِه منزلَة مَا أَعْطَاهَا الله تَعَالَى قطّ أحدا من خلقه صدق الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ أخبرنَا أَن ربه تَعَالَى قَالَ لَهُ
سواءٌ عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لن يغْفر الله لَهُم وَأخْبرنَا عَلَيْهِ السَّلَام أَنه دَعَا أَن يَجْعَل بأسنا بَيْننَا بعده فَلم يجبهُ الله تَعَالَى إِلَى ذَلِك
هَذَا هُوَ الْحق الَّذِي لَا مزِيد فِيهِ وَالْقَوْل الَّذِي صَحبه الصدْق وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين لم يفخر بِمَا لم يُعْط قطّ وَلَا أنزل نَفسه فَوق قدرهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم