عز وَجل فِي نُفُوسهم الْإِيمَان كَمَا قَالَ تَعَالَى {بل الله يمن عَلَيْكُم أَن هدَاكُمْ للْإيمَان إِن كُنْتُم صَادِقين} فَهَؤُلَاءِ آمنُوا بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام بِلَا تَكْلِيف
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَيلْزم أهل هَذِه الْمقَالة أَن جَمِيع أهل الأَرْض كفار لَا ألأقل وَقد قَالَ بَعضهم أَنهم مستدلون
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذِه مجاهرة هُوَ يدْرِي أَنه فِيهَا كَاذِب وكل من سَمعه يدْرِي أَنه فِيهَا كَاذِب لِأَن أَكثر الْعَامَّة من حَاضِرَة وبادية لَا يدْرِي مَا معنى الِاسْتِدْلَال فَكيف أَن يَسْتَعْمِلهُ
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَيلْزم من قَالَ بِهَذِهِ الْمقَالة أَن لَا يَأْكُل من اللَّحْم إِلَّا مَا ذبحه هُوَ أَو من يدْرِي أَنه مستدل وَأَن لَا يطَأ إِلَّا زَوْجَة يدْرِي أَنَّهَا مستدلة وَيلْزم أَن يشْهد على نَفسه بالْكفْر ضَرُورَة قبل استدلاله وَمُدَّة استدلاله وَأَن يُفَارق امْرَأَته الَّتِي تزوج فِي تِلْكَ الْمدَّة وَأَن لَا يَرث أَخَاهُ وَلَا أَبَاهُ وَلَا أمه إِلَّا أَن يَكُونُوا مستدلين وَأَن يعْمل عمل الْخَوَارِج الَّذين يقتلُون غيلَة وَعمل المغيرية المنصورة فِي ذبح كل من أمكنهم وَقَتله وَأَن يستحلوا أَمْوَال أهل الأَرْض بل لَا يحل لَهُم الْكَفّ عَن شَيْء من هَذَا كُله لِأَن جِهَاد الْكفَّار فرض وَهَذَا كُله أَن التزموا طرد أصولهم وَكَفرُوا أنفسهم وَأَن لم يَقُولُوا بذلك تناقضوا وفصح أَن كل من اعْتقد الْإِسْلَام بِقَلْبِه ونطق بِهِ لِسَانه فَهُوَ مُؤمن عِنْد الله عز وَجل وَمن أهل الْجنَّة سَوَاء كَانَ ذَلِك عَن قبُول أَو نشأة أَو عَن اسْتِدْلَال وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَأَيْضًا فَنَقُول لَهُم هَل اسْتدلَّ من مخالفيكم فِي أقوالكم الَّتِي تدينون بهَا أحد أم لم يسْتَدلّ قطّ أحد غَيْركُمْ فَلَا بُد من إقرارهم بِأَن مخالفيهم أَيْضا قد استدلوا وهم عنْدكُمْ مخطئون كمن لم يسْتَدلّ وَأَنْتُم عِنْدهم أَيْضا مخطئون فَإِن قَالُوا إِن الْأَدِلَّة امنتنا من أَن نَكُون مخطئين قُلْنَا لَهُم وَهَذَا نَفسه هُوَ قَول خصومكم فَإِنَّهُم يدعونَ أَن أدلتهم على صَوَاب قَوْلهم وَخطأ قَوْلكُم وَلَا فرق مَا زَالُوا على هَذِه الدَّعْوَى مذ كَانُوا إِلَى يَوْمنَا هَذَا فَمَا نَرَاكُمْ حصلتم من استدلا لكم إِلَّا على مَا حصل عَلَيْهِ من لم يسْتَدلّ سَوَاء بِسَوَاء وَلَا فرق فَإِن قَالُوا لنا فعلى قَوْلكُم هَذَا يبطل الِاسْتِدْلَال جملَة وَيبْطل الدَّلِيل كَافَّة قُلْنَا معَاذ الله من هَذَا لَكِن أريناك أَنه قد يسْتَدلّ من يُخطئ وَقد يسْتَدلّ من يُصِيب بِتَوْفِيق الله تَعَالَى فَقَط وَقد لَا يسْتَدلّ من يُخطئ وَقد لَا يسْتَدلّ من يُصِيب بِتَوْفِيق الله تَعَالَى وكل ميسر لما خلق لَهُ والبرهان والدلائل الصِّحَاح غير المموهة فَمن وَافق الْحق الَّذِي قَامَت عِنْد غَيره الْبَرَاهِين الصِّحَاح بِصِحَّتِهِ فَهُوَ مُصِيب محق مُؤمن اسْتدلَّ أَو لم يسْتَدلّ وَمن يسر للباطن الَّذِي قَامَ الْبُرْهَان عِنْد غَيره بِبُطْلَانِهِ فَهُوَ مُبْطل مُخطئ أَو كَافِر سَوَاء اسْتدلَّ أَو لم يسْتَدلّ وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَامَ الْبُرْهَان بِصِحَّتِهِ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
الْكَلَام فِي الْوَعْد والوعيد
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) اخْتلف النَّاس فِي الْوَعْد والوعيد فَذَهَبت كل طَائِفَة لقَوْل مِنْهُم من قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute