للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

وَبعد ذَلِك ذكر الْمَسِيح فَقَالَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي الدُّنْيَا وَبِه خلقت الدُّنْيَا وَلم يعرفهُ أهل الدُّنْيَا

قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا من الْحمق المزور كَيفَ يكون فِي الدُّنْيَا وَبِه خلقت الدُّنْيَا لَئِن كَانَ إِلَهًا كَمَا يَقُولُونَ فَهُوَ خلق الدُّنْيَا وَلَا يجوز أَن تخلق بِهِ وَإِن كَانَ إِنَّمَا بِهِ خلقت الدُّنْيَا وَلم يخلقها هُوَ فَلَيْسَ هُوَ إلاهاً وَلَا خَالِقهَا وَإِنَّمَا هُوَ آلَة من الْآلَات خلقت الدُّنْيَا بِهِ وحاشى لله أَن يخلق بِآلَة لَكِن كَمَا قَالَ فِي وحيه النَّاطِق إِلَى رَسُوله الصَّادِق الَّذِي لَا يتناقض كَلَامه وَلَا يتعارض اخباره {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} وَأَيْنَ يجْتَمع قَوْله هَاهُنَا إِن بِهِ خلقت الدُّنْيَا مَعَ الْكَذِب الَّذِي يضيفونه إِلَى الْمَسِيح من أَنه قَالَ بزعمهم أَنا أخلق وَأبي يخلق وَإِن لم أعمل كَمَا يعْمل أبي فَلَا تصدقوني حاشى لله من أَن يَقُول نَبِي هَذَا الْكَذِب وَهَذَا الْحمق إِذا كَانَ يكونَانِ إِلَهَيْنِ متغايرين اثْنَيْنِ كل وَاحِد مِنْهُمَا غير الآخر وكل وَاحِد مِنْهُمَا يخلق كَمَا يخلق الْأُخْرَى ثمَّ مرّة هُوَ إِلَه يخلق وَمرَّة آلَة يخلق بِهِ أَلا هَذَا هُوَ الضلال الْمُبين والخبال المتين

[فصل]

وَبعد ذَلِك قَالَ فَمن يقلهُ مِنْهُم وآمن باسمه أَعْطَاهُم سُلْطَانا أَن يَكُونُوا أَوْلَاد الله أُولَئِكَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ الَّذين لم يتوالدوا من دم وَلَا من شَهْوَة اللَّحْم وَلَا باءة رجل لَكِن تَوَالَدُوا من الله فالتحمت الْكَلِمَة والكلمة كَانَت بشرا وسكنت فِينَا ورأينا عظمتها كعظمة ولد الله

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَفِي هَذَا الْفَصْل من الْكفْر مَا لَو انْهَدَمت الْجبَال مِنْهُ لَكَانَ غير نَكِير نسْأَل الله الْعَافِيَة أَيهَا النَّاس فتأملوا قَول هَذَا النذل أَن الْمُؤمنِينَ بالمسيح هم أَوْلَاد الله فالنصارى إِذا كلهم أَوْلَاد الله فَأَي منزلَة للمسيح عَلَيْهِم إِذْ هُوَ ولد الله وهم أَوْلَاد الله ثمَّ اعجبوا لقَوْل هَذَا المستخف المستهزئ بالسفلة الَّذين قلدوا دينهم مثله إِن الْمُؤمنِينَ بالمسيح لم يتوالدوا من دم وَلَا من شَهْوَة لحم وَلَا باءة الرجل لَكِن تَوَالَدُوا من الله هَكَذَا هم هَكَذَا فَكيف تولد يوحنا من سيذاي وَامْرَأَته الْأَحْيَاء مَا هَذَا إِلَّا من عَظِيم المجاهرة بِالْبَاطِلِ وَالْكذب فَإِن قَالُوا هَذَا مجَاز قُلْنَا مجَاز فِي مَاذَا بل هُوَ الْكَذِب البحت الْبَارِد والحمق وَهَذَا نَفسه قُلْتُمْ عَن الْمَسِيح فَمَا الْفرق بَين الْقَوْلَيْنِ وَلَعَلَّ ذَلِك أَيْضا مجَازًا كَمَا هُوَ مجَاز مَا رَأينَا قطّ أَحمَق من هَؤُلَاءِ وَلَا أوقح من خدودهم ثمَّ اعجبوا لقَوْله فالتحمت الْكَلِمَة وسكنت فِينَا فَكيف تصير الْكَلِمَة لَحْمًا وَقد قَالَ إِنَّهَا هِيَ الله فَالله إِذا صَار لَحْمًا ودماً وَسكن فِي أُولَئِكَ الأقذار وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل

[فصل]

ثمَّ قَالَ إِثْر هَذَا إِن الله لم يره أحد قطّ مَا عدا مَا وصف عَنهُ الْوَلَد الَّذِي هُوَ فِي حجر أَبِيه

<<  <  ج: ص:  >  >>