قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا عجب آخر قد قَالَ آنِفا إِن الْكَلِمَة هِيَ لله وَأَنَّهَا التحمت وَصَارَت لَحْمًا ودما وسكنت فيهم فَالله عز وَجل على قَوْلهم صَار لَحْمًا وَسكن فيهم فَكيف لم يره أحد ثمَّ قَوْله إِلَّا مَا وصف عَنهُ الْوَلَد الْفَرد الَّذِي هُوَ فِي حجر أَبِيه فَوَجَبَ من هَذَا أَن الْوَلَد هُوَ غير الْأَب لِأَن من الْمحَال الْمُمْتَنع أَن يكون الله فِي حجر نَفسه فصح ضَرُورَة أَن الابْن عِنْدهم على نُصُوص الأناجيل هُوَ غير الْأَب وهم لَا يثبتون على هَذَا بل مرّة هُوَ وَالْأَب عِنْدهم شَيْء وَاحِد وكل هَذَا مَنْصُوص فِي أَنَاجِيلهمْ وكل قَضِيَّة مِنْهَا تكذب الْأُخْرَى فَكلهَا كذب بِلَا شكّ ونعوذ بِاللَّه من الضلال
[فصل]
وَفِي الْبَاب الأول من إنجيل يوحنا إِذْ ذكر شهاه يحيى بن زَكَرِيَّا إِذْ بعث إِلَيْهِ الْيَهُود من برشلام الكهنة واللاوانيين وكاشفوه عَن نَفسه فَأقر وَلم يجْحَد وَقَالَ لَهُم لست أَنا الْمَسِيح قَالُوا أيراك الياس قَالَ لَا قَالُوا فَأَنت نَبِي قَالَ لَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد كَيفَ يكون هَذَا مَعَ قَول الْمَسِيح فِي إنجيل مَتى ومارقش كَمَا أوردنا قبل أَن كل نبوة وكل كتاب فمنتهاها إِلَى يحيى وَقَوله فِيهِ أَنه أَكثر من نَبِي فَمرَّة هُوَ نَبِي وانتهت إِلَيْهِ كل نبوة وَمرَّة هُوَ أَكثر من نَبِي وَمرَّة يَقُول هُوَ عَن نَفسه أَنه لَيْسَ نَبيا فَلَا بُد ضَرُورَة من الْكَذِب فِي إِحْدَى هَذِه الْأَقْوَال وحاشى لله أَن يكذب الْمَسِيح وَيحيى عَلَيْهِمَا السَّلَام لَكِن كذب وَالله النذلان مَتى الشرطي ويوحنا الْعيار
[فصل]
وَبعده فِي الْبَاب نَفسه قَالَ وَيَوْما آخر رأى يحيى الْمَسِيح مُقبلا إِلَيْهِ فَقَالَ هَذَا صَار خروف الله
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذِه طامة أُخْرَى بَيْنَمَا كَانَ كلمة الله وَابْن الله وإلهاً يخلق صَار خروف الله وحاشى لله أَن يُضَاف إِلَيْهِ خروف إِلَّا على سَبِيل الْخلق وَالْملك إِنَّمَا يُضَاف الخروف إِلَى من يَتَّخِذهُ للْأَكْل أَو الذّبْح أَو لمن يربيه للعجلة أَو لصبي يلْعَب بِهِ ويصبغه بالحنا وَتَعَالَى الله عز وَجل عَن كل هَذَا فصح أَنَّهَا من عمل عيار مستخف ونعوذ بِاللَّه من الضلال
[فصل]
وَبعده بِيَسِير فِي الْبَاب نَفسه أَن يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ عَن عِيسَى شهِدت بِأَن هَذَا سليل الله
قَالَ أَبُو مُحَمَّد شهِدت أَنا بنفسي وعقلي وجسدي بِشَهَادَة الله التَّامَّة أَن هَذِه كذبة كذبهَا اللعين يوحنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَابْن رَسُوله يحيى بن زَكَرِيَّا وَأَن الله تَعَالَى وَجل عَن أَن يكون لَهُ سليل وأعجب شَيْء نسبتهم إِلَى يحيى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ فِي الْمَسِيح هَذَا خروف الله هَذَا سليل الله وَإِنَّمَا الخروف سليل النعجة والكبش اللَّهُمَّ الْعَن هَؤُلَاءِ الأنتان فَمَا سمعنَا بأعظم اسْتِخْفَافًا بِاللَّه تَعَالَى وبرسله عَلَيْهِم السَّلَام مِنْهُم