للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزنْجِي والغراب وَالثَّوْب لَيْسَ شَيْء من ذَلِك أسود وكل ذَلِك يرى ولون كل مَا ذكرنَا لون غير السوَاد إِلَّا أَنه سمي باسم السوَاد مجَازًا وَقَالَ بَعضهم السوَاد اسْم مُشْتَرك يَقع على الظلمَة وَيَقَع على لون الزنْجِي والغراب وَالثَّوْب فَكل ظلام سَواد وَلَيْسَ كل سَواد ظلاماً فَإِن عنيت بِالسَّوَادِ لون الزنْجِي والغراب وَالثَّوْب فَهُوَ يرى وَهُوَ غير الظلمَة وَإِن عنيت بِالسَّوَادِ الظلمَة فَهُوَ لَا يرى وَقَالَ بَعضهم الظلمَة لَا ترى وَلَيْسَت سواداً أصلا والسواد شَيْء آخر غير الظلمَة وَهُوَ لون يرى وَقَالَ بَعضهم الظلمَة والسواد شَيْء وَاحِدًا وَكِلَاهُمَا يرى وأقروا بِأَن الْأَعْمَى والأكمة والمفقوء الْعَينَيْنِ والمطبق الْعَينَيْنِ يرى الظلمَة

الْكَلَام فِي المتوالد والمتولد

قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْحَيَوَان كُله يَنْقَسِم أقساما ثَلَاثَة متوالد وَلَا بُد وَلَا ومتولد وَلَا بُد لَا يتوالد وَقسم ثَالِث يتوالد ويتولد أَيْضا فَأَما الْمُتَوَلد يتَوَلَّد ومتولد فكبنات وردان فَإِنَّهَا تتولد وَقد رأيناها تتسافد وكالعجلان فَإِنَّهَا تتولد وَقد رأيناها تتسافد وَكثير من الْحَيَوَان الْمُتَوَلد فِي النَّبَات وَقد رَأَيْنَاهُ يتسافد وَمثل الْقمل فَإنَّا قد شَاهَدْنَاهُ يخرج من تَحت الْجلد عيَانًا وَيحدث فِي الرؤس وَقد يتوالد وَقد نجد بعضه إِذا قطع ممروء بيضًا وَأما الْمُتَوَلد الَّذِي لَا يتوالد فالحيوان الْمُتَوَلد فِي أصُول أشفار الْعَينَيْنِ وأصول شعر الشَّارِب واللحية والصدر والعانة وَهُوَ ذُو أرجل كَثِيرَة لَا يُفَارق مَوْضِعه وَمَا علمناه يتوالد أصلا وَمثل الصفار الْمُتَوَلد فِي الْبَطن وشحمة الأَرْض وكل هَذَا لَا نعلمهُ يتوالد الْبَتَّةَ وَقد شاهدنا ضفادع صغَارًا تتولد من لَيْلَتهَا فَتُصْبِح مناقع الْمِيَاه مِنْهَا مَمْلُوءَة وَمِنْهَا الثلماندرية وَهُوَ حَيَوَان كَبِير يشبه الجراذين الصغار بطيئة الْحَرَكَة وحيوانات كَثِيرَة مِنْهَا صَغِير مفرط الصغر يكَاد لصغره لَا يتَجَزَّأ مِثْلَمَا كثيرا رَأَيْنَاهُ فِي الدوى والدفاتر وَهُوَ سريع الْمَشْي جدا ومها السوس الْمُتَوَلد فِي الباقلا والدود الْمُتَوَلد فِي الْجِرَاحَات وَفِي الحمص والبلوط وَفِي التفاح وَبَين الْحَشِيش وَبَين الصنوبر وَفِي الكنف وَهِي ذَوَات الأذناب والحباحب الْمُتَوَلد فِي الْخضر وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن وَمِنْه مَا يضيء بِاللَّيْلِ كَأَنَّهُ شرارة نَار والدود ذَوَات الأرجل الْكَثِيرَة والذراريح وَهَذَا كثير لَا يُحْصِيه لَا خالقه عز وَجل وَمِنْهَا الضفادع والحجازب فقد صَحَّ عندنَا يَقِينا لَا مجَال للشَّكّ فِيهِ أَنَّهَا تتولد فِي مناقع الْمِيَاه دويبات صغَار ملس شَدِيدَة السوَاد ذَوَات أَذْنَاب تمشي عندنَا ثمَّ صَحَّ عندنَا كَذَلِك أَنَّهَا تكبر فنقطع أذنابها وتتبدل ألوانها وتستحيل أشكالها وتعظم فَتَصِير ضفادع ثمَّ تزيد كبرا واستحالة ألوان فَتَصِير حجازب

قَالَ أَبُو مُحَمَّد قد رَأَيْتهَا فِي جَمِيع تنقلها كَمَا وَصفنَا وَقد عرض علينا فِي مناقع الْمِيَاه خطوط ظَاهِرَة قيل لنا أَنَّهَا بيض الضفادع وَأما الذُّبَاب فقد شاهدناها عيَانًا تتناكح وَالْأُنْثَى مِنْهَا هِيَ الْكِبَار والذكور هِيَ الصغار وشاهدنا البراغيث تتناكح أَيْضا والكبار هِيَ الْإِنَاث والذكور هِيَ الصغار نشاهد ذَلِك بِأَن الْأَعْلَى هُوَ الصَّغِير أبدا ونجد الْأُنْثَى مَمْلُوءَة بيضًا إِذا وضعت فتلقي بيضها فِي القباب وَفِي خلال أَجزَاء الثِّيَاب ثمَّ يخرج

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد رَأينَا ذباباً صغَارًا جدا وذباباً كبارًا مفرط الْكبر وشاهدنا بِأَبْصَارِنَا الدُّود الطَّوِيل الذَّنب الْمُتَوَلد فِي الكنف وبزول الْبَقر وَالْغنم يَسْتَحِيل فَيصير فراشا طياراً مُخْتَلف الألوان بديع الْخلقَة من ابيض وأصفر فَاقِع وأخضر وَلَا زودي منقط وَلَا نَدْرِي كَيفَ الْحَال فِي العقارب والعناكب والرتيلات والبقوقات والدبر إِلَّا أننا نَدْرِي أَن دود الْحَرِير يتوالد يتسافد الذُّكُور مِنْهَا والأناث وتبيض ثمَّ تحضن بيضها هَذَا مَالا خلاف فِيهِ وَمَا رأى أحد قطّ دود حَرِير يتَوَلَّد من غير بيضه وَكَذَلِكَ النَّمْل فَإِنَّهُ يتوالد وَقد رَأينَا بيضه وَالْعرب تسميه المازن وَكَذَلِكَ النَّحْل يتوالد وَيُوجد فِي مَوَاضِع من

<<  <  ج: ص:  >  >>