للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لَا إِلَه إِلَّا الله عدَّة للقائه

الْكَلَام فِي الْإِمَامَة والمفاضلة بِي الصَّحَابَة

قَالَ الْفَقِيه الإِمَام الأوحد أَبُو مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن حزم رَضِي الله عَنهُ اتّفق جَمِيع أهل السّنة وَجَمِيع المرجئة وَجَمِيع الشِّيعَة وَجَمِيع الْخَوَارِج على وجوب الْإِمَامَة وَأَن الْأمة وَاجِب عَلَيْهَا الانقياد لإِمَام عَادل يُقيم فيهم أَحْكَام الله ويسوسهم بِأَحْكَام الشَّرِيعَة الَّتِي أَتَى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حاشا النجدات من الْخَوَارِج فَإِنَّهُم قَالُوا لَا يلْزم النَّاس فرض الْإِمَامَة وَإِنَّمَا عَلَيْهِم أَن يشاطوا الْحق بَينهم وَهَذِه فرقة مَا نرى بَقِي مِنْهُم أحد وهم المنسوبون إِلَى نجدة بن عُمَيْر الْحَنَفِيّ الْقَائِم بِالْيَمَامَةِ

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَقَول هَذِه الْفرْقَة سَاقِط يَكْفِي من الرَّد عَلَيْهِ وإبطاله إِجْمَاع كل من ذكرنَا على بُطْلَانه وَالْقُرْآن وَالسّنة قد ورد بِإِيجَاب الإِمَام من ذَلِك قَول الله تَعَالَى {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} مَعَ أَحَادِيث كَثِيرَة صِحَاح فِي طَاعَة الْأَئِمَّة وَإِيجَاب الْإِمَامَة وَأَيْضًا فَإِن الله عز وَجل يَقُول {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} فَوَجَبَ الْيَقِين بِأَن الله تَعَالَى لَا يُكَلف النَّاس مَا لَيْسَ فِي بنيتهم واحتمالهم وَقد علمنَا بضرورة الْعقل وبديهته أَن قيام النَّاس بِمَا أوجبه الله تَعَالَى من الْأَحْكَام عَلَيْهِم فِي الْأَمْوَال والجنايات والدماء وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَسَائِر الْأَحْكَام كلهَا وَمنع الظَّالِم وإنصاف الْمَظْلُوم وَأَخ الْقصاص على تبَاعد أقطارهم وشواغلهم وَاخْتِلَاف آرائهم وَامْتِنَاع من تحرى فِي كل ذَلِك مُمْتَنع غير مُمكن إِذْ قد يُرِيد وَاحِد أَو جمَاعَة أَن يحكم عَلَيْهِم إِنْسَان وَيُرِيد آخر أَو جمَاعَة أُخْرَى أَن لَا يحكم عَلَيْهِم إِمَّا لِأَنَّهَا ترى فِي اجتهادها خلاف مَا رأى هَؤُلَاءِ وَإِمَّا خلافًا مُجَردا عَلَيْهِم وَهَذَا الَّذِي لَا بُد مِنْهُ ضَرُورَة وَهَذَا مشَاهد فِي الْبِلَاد الَّتِي لَا رَئِيس لَهَا فَإِنَّهُ لَا يُقَام هُنَاكَ حكم حق وَلَا حد حَتَّى قد ذهب الدّين فِي أَكْثَرهَا فَلَا تصح إِقَامَة الدّين إِلَّا بِالْإِسْنَادِ إِلَى وَاحِد أَو إِلَى أَكثر من وَاحِد فَإذْ لَا بُد من أحد هذَيْن الْوَجْهَيْنِ فَإِن الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدا بَينهمَا مَا ذكرنَا فَلَا يتم أَمر الْبَتَّةَ فَلم يبْق وَجه تتمّ بِهِ الْأُمُور إِلَّا لإسناد إِلَى وَاحِد فَاضل عَالم حسن السياسة قوي على الإنفاذ إِلَّا أَنه وَإِن كَانَ بِخِلَاف مَا ذكرنَا فالظلم والإهمال مَعَه أقل مِنْهُ مَعَ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدا وَإِذ ذَلِك كَذَلِك فَفرض لَازم لكل النَّاس أَن يكفوا من الظُّلم مَا أمكنهم إِن قدرُوا على كف كُله لَزِمَهُم ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>