لجرير أَو الحطيئة والطرماح أَو لأعرابي أسدي بن سلمي أَو تميمي أَو من سَائِر أَبنَاء الْعَرَب بوال على عَقِبَيْهِ لفظا فِي شعر أَو نثر جملَة فِي اللُّغَة وَقطع بِهِ وَلم يعْتَرض فِيهِ ثمَّ إِذا وجد لله تَعَالَى خَالق اللُّغَات وَأَهْلهَا كلَاما لم يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا جعله حجَّة وَجعل يصرفهُ عَن وَجهه ويحرفه عَن موَاضعه ويتحيل فِي إحالته عَمَّا أوقعه الله عَلَيْهِ وَإِذا وجد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلَاما فعل بِهِ مثل ذَلِك وتالله لقد كَانَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب بن هَاشم قبل أَن يُكرمهُ الله تَعَالَى بِالنُّبُوَّةِ وَأَيَّام كَونه فَتى بِمَكَّة بِلَا شكّ عِنْد كل ذِي مسكة من عقل أعلم بلغَة قومه وأفصح فِيهَا وَأولى بِأَن يكون مَا نطق بِهِ من ذَلِك حجَّة من كل خندفي وقيسي وربيعي وإيادي وتميمي وقضاعي وحميري فَكيف بعد أَن اختصه الله تَعَالَى للنذارة واجتباه للوساطة بَينه وَبَين خلقه وأجى على لِسَانه كَلَامه وَضمن حفظه وَحفظ مَا يَأْتِي بِهِ فَأَي ضلال أضلّ مِمَّن يسمع لبيد بن ربيعَة بن مَالك بن جَعْفَر بن كلاب يَقُول ... فعلت فروع إِلَّا يهقان وأطفلت ... لجلهتين ظباؤها ونعامها ...
فَجعله حجَّة وَأَبُو زِيَاد الْكلابِي يَقُول مَا عرفت الْعَرَب قطّ إِلَّا يهقان وَإِنَّمَا هُوَ اللهق بَيت مَعْرُوف وَيسمع قَول ابْن أَحْمَر كناه نقلق عَن مأموسة الْحجر وعلماء اللُّغَة يَقُولُونَ أَنه لم يعرف قطّ لأحد من الْعَرَب أَنه سمى النَّار مأموسى إِلَّا ابْن أَحْمَر فَيَجْعَلهُ حجَّة ويجيز قَول من قَالَ من الْأَعْرَاب هَذَا حجر من خرب وَسَائِر الشواذ من مَعْهُود اللُّغَة مِمَّا يكثر لَو تكلفنا ذكره ونحتج بِكُل ذَلِك ثمَّ يمْتَنع من إِيقَاع اسْم الْإِيمَان على مَا أوقعه عَلَيْهِ الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد بن عبد الله الْقرشِي المسترضع فِي بني سعد بن بكر ويكابر فِي ذَلِك بِكُل بَاطِل وَبِكُل حَمَاقَة وَبِكُل دفع للمشاهدة ونعوذ بِاللَّه من الخذلان
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَمن الأيات الَّتِي أوقع الله تَعَالَى فِيهَا اسْم الْإِيمَان على أَعمال الدّيانَة قَوْله عز وَجل {هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم}
قَالَ أَبُو مُحَمَّد والتصديق بالشَّيْء أَي شَيْء كَانَ لَا يُمكن الْبَتَّةَ أَن يَقع فِيهِ زِيَادَة وَلَا نقص وَكَذَلِكَ التَّصْدِيق بِالتَّوْحِيدِ والنبوة لَا يُمكن الْبَتَّةَ أَن يكون فِيهِ زِيَادَة وَلَا نقص لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو كل مُعْتَقد بِقَلْبِه أَو مقرّ بِلِسَانِهِ بِأَيّ شَيْء أقرّ أَو أَي شَيْء اعْتقد من أحد ثَلَاثَة أوجه لَا رَابِع لَهَا أما أَن يصدق بِمَا اعْتقد وَأقر وَأما أَن يكذب بِمَا اعْتقد وَأما منزلَة بَينهمَا وَهِي الشَّك فَمن الْمحَال أَن يكون إِنْسَان مُكَذبا بِمَا يصدق بِهِ وَمن الْمحَال أَن يشك أحد فِيمَا يصدق بِهِ فَلم يبْق إِلَّا أَنه مُصدق بِمَا اعْتقد بِلَا شكّ وَلَا يجوز أَن يكون تَصْدِيق وَاحِد أَكثر من تَصْدِيق آخر لِأَن أحد التصديقين إِذا دَخلته دَاخِلَة فبالضرورة يدْرِي كل ذِي حس سليم أَنه قد خرج عَن التَّصْدِيق وَلَا بُد وَحصل فِي الشَّك لِأَن معنى التَّصْدِيق إِنَّمَا هُوَ أَن يَقع ويوقن بِصِحَّة وجود مَا صدق بِهِ وَلَا سَبِيل إِلَى التَّفَاضُل فِي هَذِه الصّفة فَإِن لم يقطع وَلَا أَيقَن بِصِحَّتِهِ فقد شكّ فِيهِ فَلَيْسَ مُصدقا بِهِ وَإِذا لم يكن مُصدقا بِهِ فَلَيْسَ مُؤمنا بِهِ فصح أَن الزِّيَادَة الَّتِي ذكر الله عز وَجل فِي الْإِيمَان لَيست فِي التَّصْدِيق أصلا وَلَا فِي الِاعْتِقَاد الْبَتَّةَ فَهِيَ ضَرُورَة فِي غير التَّصْدِيق وَلَيْسَ هَاهُنَا إِلَّا الْأَعْمَال فَقَط فصح يَقِينا أَن أَعمال الْبر إِيمَان بِنَصّ الْقُرْآن وَكَذَلِكَ قَول الله عز وَجل {فَأَما الَّذين آمنُوا فزادتهم إِيمَانًا} وَقَوله تَعَالَى {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا} فَإِن قَالَ قَائِل معنى زِيَادَة الْإِيمَان هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ لما نزلت تِلْكَ الْآيَة صدقُوا بهَا فَزَادَهُم بنزولها إِيمَانًا تَصْدِيقًا بِشَيْء وَارِد لم يكن عِنْدهم قيل لَهُم وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق هَذَا محَال لِأَنَّهُ