للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلم يَأْتِ قطّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خبر يَصح أَن أَرْوَاح الْمَوْتَى ترد إِلَى أَجْسَادهم عِنْد الْمَسْأَلَة وَلَو صَحَّ ذَلِك عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام لقلنا بِهِ فَإذْ لَا يَصح فَلَا يحل لأحد أَن يَقُوله وَإِنَّمَا انْفَرد بِهَذِهِ الزِّيَادَة من رد الْأَرْوَاح الْمنْهَال بن عَمْرو وَحده وَلَيْسَ بالقوى تَركه شُعْبَة وَغَيره وَسَائِر الْأَخْبَار الثَّابِتَة على خلاف ذَلِك وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا هُوَ الَّذِي صَحَّ أَيْضا عَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم لم يَصح عَن أحد مِنْهُم غير مَا قُلْنَا كَمَا حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد بن بَيَان حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق حَدثنَا عِيسَى بن حبيب حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد عبد الله بن يزِيد الْمقري عَن جده مُحَمَّد بن عبد الله عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور بن صَفِيَّة عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت دخل ابْن عمر الْمَسْجِد فأبصر ابْن الزبير مرطوحا قبل أَن يصلب فَقيل لَهُ هَذِه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق فَمَال إِلَيْهَا فعزاها وَقَالَ أَن هَذِه الجثث لَيست بِشَيْء وَأَن الْأَرْوَاح عِنْد الله فَقَالَت أَسمَاء وَمَا يَمْنعنِي وَقد أهْدى رَأس يحيى بن زَكَرِيَّا إِلَى بغي من بَغَايَا بني إِسْرَائِيل وَحدثنَا مُحَمَّد بن بَيَان ثَنَا أَحْمد بن عون الله حَدثنَا قَاسم بن أصبغ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْحُسَيْنِي ثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بن المثني الزَّمن ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن أبي الْأَحْوَص عَن ابْن مَسْعُود فِي قَول الله عز وَجل {رَبنَا أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} قَالَ ابْن مَسْعُود هِيَ الَّتِي فِي الْبَقَرَة {وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ} فَهَذَا ابْن مَسْعُود وَأَسْمَاء بنت أبي بكر الصّديق وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم وَلَا مُخَالف من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم تقطع أَسمَاء وَابْن عمر على أَن الْأَرْوَاح بَاقِيَة عِنْد الله وَأَن الجثث لَيست بِشَيْء وَيقطع ابْن مَسْعُود بِأَن الْحَيَاة مَرَّتَانِ والوفاة كَذَلِك وَهَذَا قَوْلنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رأى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَائِما فِي قَبره يُصَلِّي لَيْلَة الْإِسْرَاء وَأخْبر أَنه رَآهُ فِي السَّمَاء السَّادِسَة أَو السَّابِعَة وَبلا شكّ إِنَّمَا رأى روحه وَأما جسده فتوارى بِالتُّرَابِ بِلَا شكّ فعلى هَذَا أَن مَوضِع كل روح يُسمى قبراً فتعذب الْأَرْوَاح حِينَئِذٍ وَلَا تسْأَل حَيْثُ كَانَت وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

مُسْتَقر الْأَرْوَاح (قَالَ أَبُو مُحَمَّد) اخْتلف النَّاس فِي مُسْتَقر الْأَرْوَاح وَقد ذكرنَا بطلَان قَول أَصْحَاب التناسخ فِي صدر كتَابنَا هَذَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين فَذهب قوم من الروافض إِلَى أَن أَرْوَاح الْكفَّار ببرهوت وَهُوَ بِئْر بحضرموت وَأَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بِموضع آخر أَظُنهُ الْجَابِيَة وَهَذَا قَول فَاسد لِأَنَّهُ لَا دَلِيل عَلَيْهِ أصلا وَمَا لَا دَلِيل عَلَيْهِ فَهُوَ سَاقِط وَلَا يعجز أحد عَن أَن يَدعِي للأرواح مَكَانا آخر غير مَا ادَّعَاهُ هَؤُلَاءِ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يدين بِهِ إِلَّا مخذول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَذهب عوام أَصْحَاب الحَدِيث إِلَى أَن الْأَرْوَاح على أفنية قبورها وَهَذَا قَول لَا حجَّة لَهُ أصلا تصححه إِلَّا خبر ضَعِيف لَا يحْتَج بِمثلِهِ لِأَنَّهُ فِي غَايَة السُّقُوط لَا يشْتَغل بِهِ أحد من عُلَمَاء الحَدِيث وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ سَاقِط أَيْضا وَذهب أَبُو الْهُذيْل العلاف والأشعرية

<<  <  ج: ص:  >  >>