يقوى فِي ذَلِك الْمَكَان على آيَة وَلَو كَانَ لَهُم عقل لعلموا أَن هَذِه لَيست صفة آله يفعل مَا يَشَاء بل صفة عبد مَخْلُوق مُدبر لَا يملك من أمره شَيْئا كَمَا قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله وَالثَّالِثَة إقرارهم أَن الْمَسِيح سمعهم ينسبونه إِلَى ولادَة الْحداد وَأَنه أَبوهُ وَلم يُنكر ذَلِك عَلَيْهِم فقد حققوا عَلَيْهِ أحد شَيْئَيْنِ لَا ثَالِث لَهما الْبَتَّةَ إِمَّا أَنه سمع الْحق من ذَلِك فَلم يُنكره وَفِي هَذَا مَا فِيهِ من خلاف قَوْلهم جملَة وَإِمَّا أَنه سمع الْبَاطِل وَالْكذب فَأقر عَلَيْهِ وَلم يُنكره وَهَذِه صفة سوء وتلبيس فِي الدّين
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَفِي هَذِه الْفُصُول مِمَّا لم يُطلق الله تَعَالَى أَيْديهم على تبديله من الْحق قَوْله لَا يعْدم النَّبِي حرمته إِلَّا فِي وَطنه وَأهل بَيته فيا عقول الْأَطْفَال وَيَا أدمغة الإوز لَو عقلتم أما كَانَ يكفيكم أَن تَقولُوا فِيهِ مَا قَالَ فِي نَفسه وَمَا شهد العيان بصدقه وَصِحَّته فِيهِ وتتركوا الرعونة الَّتِي لم تقدروا مُنْذُ ألف عَام على بَيَان مَا تعتقدونه مِنْهَا بقلوبكم وَلَا قدرتكم على الْعبارَة عَنْهَا بألسنتكم وَكلما رمتم وَجها من وُجُوه النوك انفتق عَلَيْكُم بَاب مِنْهُ لَا قبل لكم بِهِ ونعوذ بِاللَّه من الضلال
[فصل]
وَفِي الْبَاب السَّادِس عشر من إنجيل مَتى أَن الْمَسِيح قَالَ لباطرة إِلَيْك أَبْرَأ بمفاتيح السَّمَوَات فَكل مَا حرمته فِي الأَرْض يكون محرما فِي السَّمَوَات وكل مَا أحللته على الأَرْض يكون حَلَالا فِي السَّمَوَات وَبعد هَذَا الْكَلَام بأَرْبعَة أَن الْمَسِيح قَالَ لباطرة نَفسه مُتَّصِلا بالْكلَام الْمَذْكُور تَبِعنِي يَا مُخَالف وَلَا تعارضني فَإنَّك جَاهِل بمرضاة الله وَإِنَّمَا تَدْرِي مرضاة الْآدَمِيّين
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي هَذَا الْفَصْل على قلته وَأَنه قَلِيل ومنتن كبعض مَا يُشبههُ مِمَّا نكره ذكره سؤتان عظيمتان إِحْدَاهمَا أَنه برْء إِلَى باطرة النذل بمفاتيح السَّمَوَات وولاه خطة الألوهية الَّتِي لَا تجوز لغير الله تَعَالَى وَحده لَا شريك لَهُ من أَن كل مَا حرمه فِي الأَرْض كَانَ حَرَامًا فِي السَّمَوَات وكل مَا حلله فِي الأَرْض كَانَ حَلَال فِي السَّمَوَات وَالثَّانيَِة أَنه إِثْر بَرَاءَته إِلَيْهِ بمفاتيح السَّمَوَات وتوليته خطة الربوبية إِمَّا شَرِيكا لله تَعَالَى فِي التَّحْرِيم والتحليل وَإِمَّا مُنْفَردا دونه عز وَجل بِهَذِهِ الصّفة قَالَ لَهُ فِي الْوَقْت أَنه مُخَالف معَارض لَهُ جَاهِل بمرضاة الله عز وَجل لَا يدْرِي إِلَّا مرضاة الْآدَمِيّين فوَاللَّه لَئِن كَانَ صدق فِي الْآخِرَة لقد خرق فِي الأولى إِذْ ولي مَا لَا يَنْبَغِي إِلَّا لله تَعَالَى جَاهِلا بمرضاة الله مُخَالفا لَهُ لَا يدْرِي إِلَّا رِضَاء النَّاس وَأَن هَذِه لسوءة الْأَبَد إِذْ من هَذِه صفته لَا يصلح أَن يبرأ إِلَيْهِ بمفاتيح كنيف أَو بَيت زبل وَلَئِن كَانَ صدق وَأصَاب فِي الأولى لقد كذب فِي الثَّانِيَة وَوَاللَّه مَا قَالَ الْمَسِيح قطّ شَيْئا مِمَّا ذكرُوا عَنهُ فِي الأولى لِأَنَّهَا مقَالَة كَافِر شَرّ خلق الله عز وَجل وَمَا يبعد أَنه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute