من الْإِيمَان وماذا مَعَه مَعَ الْإِيمَان
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فجوابنا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَنه مُؤمن نَاقص الْإِيمَان بِالْإِضَافَة إِلَى من لَهُ إِيمَان زَائِد بأعمال لم يعملها وَهَذَا وكل وَاحِد فَهُوَ نَاقص الْإِيمَان بِالْإِضَافَة إِلَى من هُوَ أفضل أعمالاً مِنْهُ حَتَّى يبلغ الْأَمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي لَا أحد أتم إِيمَانًا مِنْهُ بِمَعْنى أحسن أعمالاً مِنْهُ وَأما قَوْله مَا الَّذِي نَقصه من الْإِيمَان فَإِنَّهُ نَقصه الْأَعْمَال الَّتِي عَملهَا غَيره وَالَّتِي رَبنَا عز وَجل أعلم بمقاديرها
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَمِمَّا يبين أَن اسْم الْإِيمَان فِي الشَّرِيعَة مَنْقُول عَن مَوْضُوعه فِي اللُّغَة وَإِن الْكفْر أَيْضا كَذَلِك فَإِن الْكفْر فِي اللُّغَة التغطية وَسمي الزراع كَافِرًا لتغطيته الْحبّ وَسمي اللَّيْل كَافِرًا لتغطيته كل شَيْء قَالَ الله عز وَجل {فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه يعجب الزراع} وَقَالَ تَعَالَى {كَمثل غيث أعجب الْكفَّار نَبَاته} يَعْنِي الزراع وَقَالَ لبيد بن ربيعَة يَمِينهَا أَلْقَت زَكَاة فِي كَافِر يَعْنِي اللَّيْل ثمَّ نقل الله تَعَالَى اسْم الْكفْر فِي الشَّرِيعَة إِلَى جحد الربوبية وَجحد نبوة نَبِي من الْأَنْبِيَاء صحت نبوته فِي الْقُرْآن أَو جحد شَيْء مِمَّا أَتَى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا صَحَّ عِنْد جاحده بِنَقْل الكافة أَو عمل شَيْء قَامَ الْبُرْهَان بِأَن الْعَمَل بِهِ كفر مِمَّا قد بَيناهُ فِي كتاب الإيصال وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين فَلَو أَن إنْسَانا قَالَ أَن مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَافِر وكل من تبعه كَافِر وَسكت وَهُوَ يُرِيد كافرون بالطاغوت كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بِاللَّه فقد استمسك بالعروة الوثقى لَا انفصام لَهَا} وَلما اخْتلف أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَن قَائِل هَذَا مَحْكُوم لَهُ بالْكفْر وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أَن إِبْلِيس وَفرْعَوْن وَأَبا جهل مُؤمنُونَ لما اخْتلف أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَن قَائِل هَذَا مَحْكُوم لَهُ بالْكفْر وَهُوَ يُرِيد مُؤمنُونَ بدين الْكفْر فصح عِنْد كل ذِي مسكة من يتحيز أَن اسْم الْإِيمَان وَالْكفْر منقولان فِي الشَّرِيعَة عَن موضوعهما فِي اللُّغَة بِيَقِين لَا شكّ فِيهِ وَأَنه لَا يجوز إِيقَاع اسْم الْإِيمَان الْمُطلق على معنى التَّصْدِيق بِأَيّ شَيْء صدق بِهِ الْمَرْء وَلَا يجوز إِيقَاع اسْم الْكفْر على معنى التغطية لأي شَيْء غطاه الْمَرْء لَكِن على مَا أوقع الله تَعَالَى عَلَيْهِ اسْم الْإِيمَان وَاسم الْكفْر وَلَا مزِيد وَثَبت يَقِينا أَن مَا عدا هَذَا ضلال مُخَالف لِلْقُرْآنِ وللسنن ولإجماع أهل الْإِسْلَام أَوَّلهمْ عَن آخِرهم وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَبَقِي حكم التَّصْدِيق على حَاله فِي اللُّغَة لَا يخْتَلف فِي ذَلِك إنسي وَلَا جني وَلَا كَافِر وَلَا مُؤمن فَكل من صدق بِشَيْء فَهُوَ مُصدق بِهِ فَمن صدق بِاللَّه تَعَالَى وبرسوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يصدق بِمَا لَا يتم الْإِيمَان إِلَّا بِهِ فَهُوَ مُصدق بِاللَّه تَعَالَى أَو بِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ مُؤمنا وَلَا مُسلما لكنه كَافِر مُشْرك لما ذكرنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
اعترافات للمرجئية الطَّبَقَات الثَّلَاث الْمَذْكُورَة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد إِن قَالَ قَائِل أَلَيْسَ الْكفْر ضد الْإِيمَان قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِطْلَاق هَذَا القَوْل خطأ لِأَن الْإِيمَان اسْم مُشْتَرك يَقع على معَان شَتَّى كَمَا ذكرنَا فَمن تِلْكَ الْمعَانِي شَيْء يكون الْكفْر ضداً لَهُ وَمِنْهَا مَا يكون الْفسق ضداً لَهُ لَا الْكفْر وَمِنْهَا مَا يكون التّرْك ضداً لَهُ لَا الْكفْر وَلَا الْفسق فَأَما الْإِيمَان الَّذِي يكون الْكفْر ضداً لَهُ فَهُوَ العقد بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فَإِن الْكفْر ضد لهَذَا الْإِيمَان وَأما الْإِيمَان الَّذِي يكون الْفسق ضداً لَهُ لَا الْكفْر فَهُوَ مَا كَانَ من الْأَعْمَال فرضا فَإِن تَركه ضد للْعَمَل وَهُوَ فسق لَا كفر وَأما الْإِيمَان الَّذِي يكون التّرْك لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute