وَفِي الْبَاب التَّاسِع من إنجيل يوحنا أَن الْيَهُود قَالُوا الْمَسِيح لسنا نرجمك لعمل صَالح إِلَّا للشتيمة ولادعائك الربوبية وَأَنت إِنْسَان فَقَالَ لَهُم الْمَسِيح أما قد كتب فِي كتابكُمْ الزبُور حَيْثُ يَقُول أما قُلْتُمْ آلِهَة وَبَنُو الْعلي كلكُمْ فَإِن كَانَ سمى الله الَّذِي كَلمهمْ آلِهَة وَلَا سَبِيل إِلَى تَحْرِيف الْكتاب وتبديله فَلم تَقولُونَ فِيمَن بَارك الله عَلَيْهِ وَبَعثه إِلَى الدُّنْيَا أَنه شتم إِذا قلت أَنِّي ابْن الله إِن كنت لَا أفعل أَفعَال أبي فَلَا تصدقوني إِلَى قَوْله لِتَعْلَمُوا أَنِّي فِي الْأَب وَالْأَب فِي وَفِي الْبَاب الْحَادِي عشر من إنجيل يوحنا أَن بلش الْحوَاري قَالَ للمسيح يَا سيدنَا أرنا الْأَب وَيَكْفِينَا فَقَالَ لَهُ الْمَسِيح طول هَذَا الزَّمَان كنت مَعكُمْ وَلم تعرفوني يَا بلش من رَآنِي فقد رأى الْأَب فَكيف تَقول أَنْت أرنا الْأَب أَلَيْسَ تؤمن أَنِّي أَنا فِي الْأَب وَأَن الْأَب هُوَ فِي فَكيف هَذَا مَعَ قَول يوحنا الَّذِي ذكرنَا فِي أول إنجيله أَن الْأَب لم يره أحد قطّ
[فصل]
وَفِي الْبَاب الْحَادِي عشر من إنجيل يوحنا الْمَذْكُور أَن الْمَسِيح قَالَ لتلاميذه أَنا فِي أبي وَأَنْتُم فِي وَأَنا فِيكُم
قَالَ أَبُو مُحَمَّد إِذا كَانَ هُوَ فِي الْأَب وَالْأَب فِيهِ وَهُوَ فِي التلاميذ والتلاميذ فِيهِ فالأب فِي التلاميذ والتلاميذ فِي الْأَب ضَرُورَة فَأَي مزية لَهُ عَلَيْهِم وَهل هُوَ وهم إِلَّا سَوَاء فِي كَونه وكونهم فِي الله وَكَون الله فيهم وَفِيه ثمَّ هَذَا الْكَلَام لَا يعقل وَلَا يفهم مِنْهُ إِلَّا الاستخفاف وَالْكفْر فَقَط لِأَنَّهُ إِن كَانَ فيهم بِذَاتِهِ فقد صَارُوا لَهُ مَكَانا وَصَارَ تَعَالَى محدوداً وَهَذِه صفة الْمُحدث وَإِن كَانَ فيهم بتدبيره فَهَكَذَا يدبر فِي كل حَيّ وميت وكل جماد وكل عرض وَلَا فرق وَلَا فَضِيلَة فِي هَذَا أصلا
[فصل]
وَفِي الْبَاب الثَّانِي عشر من إنجيل يوحنا أَن الْمَسِيح قَالَ لَهُم لست أسميكم بعد عبيد الْآن العَبْد لَا يدْرِي مَا يصنع سَيّده قد سميتكم إخْوَانًا وَفِي آخر الْبَاب الْمَذْكُور أَن الْمَسِيح قَالَ أَنا من الله خرجت وَمن الْأَب انبثقت فَفِي أحد هذَيْن الْفَصْلَيْنِ أَن التلاميذ قد أعتقوا من عبودية الْبَارِي وَأَنَّهُمْ إخوانه وَهُوَ خرج من الله وَمِنْه انبثق فهم كَذَلِك أَيْضا فَأَي مزية لَهُ عَلَيْهِم مَعَ سخف هَذَا الْكَلَام وَأَنه لَا يدْرِي هَذَا الانبثاق معنى أصلا والانبثاق لَا يكون إِلَّا من الْأَجْسَام ضَرُورَة
[فصل]
وَفِي الْبَاب الثَّالِث عشر من إنجيل يوحنا فِي أَوله أَن الْمَسِيح قَالَ رَافعا عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاء يَا أبتاه قد آن الْوَقْت فشرف ولدك لكيما يشرفك ولدك ويعده بِيَسِير أَن الْمَسِيح قَالَ لله أَنا شرفتك على الأَرْض
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذِه مُصِيبَة الدَّهْر لم يقنعوا للمسيح بنبوة الله حَتَّى وصفوه بمساواته لله تَعَالَى ثمَّ لم يقنعوا بمساواته لله تَعَالَى حَتَّى قَالُوا أَن الله تَعَالَى قد أنزل لَهُ عَن الحكم وَلَيْسَ يحكم على أحد وَأَنه قد برِئ بِالْملكِ وَالْحكم كُله إِلَى الْمَسِيح ثمَّ لم يقنعوا لَهُ بالعزلة والخمول حَتَّى جعلُوا الْمَسِيح يشرف الله