(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أما قَوْلهم إِن أَخذ الْقود وَاجِب من قتلة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ المحار بَين لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الساعين فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ والهاتكين حُرْمَة الْإِسْلَام وَالْحرم وَالْأَمَانَة وَالْهجْرَة والخلافة والصحبة والسابقة فَنعم وَمَا خالفهم قطّ عَليّ فِي ذَلِك وَلَا فِي البرآءة مِنْهُم وَلَكنهُمْ كَانُوا عددا ضخما جمالا طَاقَة لَهُ عَلَيْهِم فقد سقط عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَالا يَسْتَطِيع عَلَيْهِ كَمَا سقط عَنهُ وَعَن كل مُسلم مَا عجز عَنهُ من قيام بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالْحج وَلَا فرق قَالَ الله تَعَالَى {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَمرتكُم بِشَيْء فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَلَو أَن مُعَاوِيَة بَايع عليا لقوي بِهِ على احذ الْحق من قتلة عُثْمَان فصح أَن الِاخْتِلَاف هُوَ الَّذِي أَضْعَف يَد عَليّ عَن إنقاذ الْحق عَلَيْهِم وَلَوْلَا ذَلِك لأنقذ الْحق عَلَيْهِم كَمَا أنقذه على قتلة عبد الله بن خباب إِذْ قدر على مُطَالبَة قتلته وَأما تأسي مُعَاوِيَة فِي امْتِنَاعه من بيعَة عَليّ بتأخر عَليّ عَن بيعَة أبي بكر فَلَيْسَ فِي الْخَطَأ أُسْوَة وَعلي استقال وَرجع وَبَايع بعد يسير فَلَو فعل مُعَاوِيَة مثل ذَلِك لأصاب ولبايع حِينَئِذٍ بِلَا شكّ كل من امْتنع من الصَّحَابَة من الْبيعَة من أجل الْفرْقَة وَأما تقَارب مَا بَين عَليّ وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد فَنعم وَلَكِن من سبقت بيعَته وَهُوَ من أهل الِاسْتِحْقَاق والخلافة فَهُوَ الإِمَام الْوَاجِبَة طَاعَته فِيمَا أَمر بِهِ من طَاعَة الله عز وَجل سوآء كَانَ هُنَالك من هُوَ مثله أَو أفضل كَمَا سبقت بيعَة عُثْمَان فَوَجَبت طَاعَته وإمامته على غَيره وَلَو بُويِعَ هُنَالك حِينَئِذٍ وَقت الشورى عَليّ أَو طَلْحَة أَو الزبير أَو عبد الرَّحْمَن أَو سعد لَكَانَ الإِمَام وللزمت عُثْمَان طَاعَته وَلَا فرق فصح أَن عليا هُوَ صَاحب الْحق وَالْإِمَام المفترضة طَاعَته وَمُعَاوِيَة مُخطئ مأجور مُجْتَهد وَقد يخفى الصَّوَاب على الصاحب الْعَالم فِيمَا هُوَ أبين وأوضح من هَذَا الْأَمر من أَحْكَام الدّين فَرُبمَا رَجَعَ إِذْ استبان لَهُ وَرُبمَا لم يستبن لَهُ حق يَمُوت عَلَيْهِ وَمَا توفيقنا إِلَّا بِاللَّه عز وَجل وَهُوَ الْمَسْئُول الْعِصْمَة وَالْهِدَايَة لَا إِلَه إِلَّا هُوَ
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) نطلب على حَقه نُقَاتِل عَلَيْهِ وَقد كَانَ تَركه ليجمع كلمة الْمُسلمين كَمَا فعل الْحسن ابْنه رَضِي الله عَنْهُمَا فَكَانَ لَهُ بذلك فضل عَظِيم قد تقدم بِهِ إنذار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قَالَ ابْني هَذَا سيد وَلَعَلَّ الله أَن يصلح بِهِ طائفتين عظيمتين من أمتِي فغبطه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَمن ترك حَقه رَغْبَة فِي حقن دِمَاء الْمُسلمين فقد أَتَى من الْفضل بِمَا لَا وَرَاء وَلَا لوم عَلَيْهِ بل هُوَ مُصِيب فِي ذَلِك وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
الْكَلَام فِي إِمَامَة الْمَفْضُول
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) ذهبت طوائف من الْخَوَارِج وَطَوَائِف من الْمُعْتَزلَة وَطَوَائِف من المرجئة مِنْهُم مُحَمَّد بن الطّيب ألبا فلاني وَمن اتبعهُ وَجَمِيع الرافضة من الشِّيعَة إِلَى أَنه لَا يجوز إِمَامَة من يُوجد فِي النَّاس أفضل مِنْهُ وَذَهَبت طَائِفَة من الْخَوَارِج وَطَائِفَة من الممتزلة وَطَائِفَة من المرجئة وَجَمِيع الزيدية من الشِّيعَة وَجَمِيع أهل السّنة إِلَى أَن الْإِمَامَة جَائِزَة لمن غَيره أفضل مِنْهُ
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَأما الرافضة فَقَالُوا أَن الإِمَام وَاجِد مَعْرُوف بِعَيْنِه فِي الْعَالم على مَا ذكرنَا من أَقْوَالهم الَّذِي قد تقدم إفسادنا لَهَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَمَا نعلم لمن قَالَ أَن الإِمَام لَا تجوز إِلَّا لأَفْضَل من يُوجد حجَّة أصلا لَا من قُرْآن وَلَا من سنة وَلَا من إِجْمَاع وَلَا من صِحَة عقل وَلَا من قِيَاس وَلَا قَول صَاحب وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ أَحَق قَول بالاطراح وَقد قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَوْم السَّقِيفَة قد رضيت لكم أحدا هذَيْن الرجلَيْن يَعْنِي أَبَا عُبَيْدَة وَعمر وَأَبُو