بكر أفضل مِنْهُمَا بِلَا شكّ فَمَا قَالَ أحد من الْمُسلمين أَنه قَالَ من ذَلِك بِمَا لَا يحل فِي الدّين ودعت الْأَنْصَار إِلَى بيعَة سعد بن عبَادَة وَفِي الْمُسلمين عدد كثير كلهم أفضل مِنْهُ بِلَا شكّ فصح بِمَا ذكرنَا إِجْمَاع جَمِيع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم على جَوَاز إِمَامَة الْمَفْضُول ثمَّ عبدهم عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى سِتَّة رجال وَلَا بُد أَن لبَعْضهِم على بعض فضلا وَقد أجمع أهل الْإِسْلَام حِينَئِذٍ على أَنه إِن بُويِعَ أحدهم فَهُوَ الإِمَام الْوَاجِبَة طَاعَته وَفِي هَذَا إطباق مِنْهُم على جَوَاز إِمَامَة الْمَفْضُول ثمَّ مَاتَ على رَضِي الله عَنهُ فَهُوَ فبويع الْحسن ثمَّ سلم الْأَمر إِلَى معوية وَفِي بقايا الصَّحَابَة من هُوَ أفضل مِنْهُمَا بِلَا خلاف مِمَّن أنْفق قبل الْفَتْح وَقَاتل فكلهم أَوَّلهمْ عَن آخِرهم بَايع مُعَاوِيَة وَرَأى إِمَامَته وَهَذَا إِجْمَاع مُتَيَقن بعد إِجْمَاع على جَوَاز إِمَامَة من غَيره أفضل بِيَقِين لَا شكّ فِيهِ إِلَى أَن حدث من لَا وزن لَهُ عِنْد الله تَعَالَى فخرقوا الْإِجْمَاع بآرائهم الْفَاسِدَة بِلَا دَلِيل ونعوذ بِاللَّه من الخذلان
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَالْعجب كُله كَيفَ يجْتَمع قَول الباقلاني أَنه لَا تجوز الْإِمَامَة لمن غَيره من النَّاس أفضل مِنْهُ وَهُوَ قد جوز النُّبُوَّة والرسالة لمن غَيره من النَّاس أفضل مِنْهُ فَإِنَّهُ صرح فِيمَا ذكره عَنهُ صَاحبه أَبُو جَعْفَر السمناني الْأَعْمَى قَاضِي الْموصل بِأَنَّهُ جَائِز أَن يكون فِي الْإِمَامَة من هُوَ أفضل من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَيْثُ بعث إِلَى أَن مَاتَ
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) مَا فِي خذلان الله عز وَجل أَحَق من هَاتين القضيتين لَا سِيمَا إِذا اقترننا وَالْحَمْد لله على الْإِسْلَام فَإِن قَالَ قَائِل كَيفَ يحتجون هُنَا بقول الْأَنْصَار رَضِي الله عَنْهُم فِي دُعَائِهِمْ إِلَى سعد بن عبَادَة وَهُوَ عنْدكُمْ خطأ وَخلاف للنَّص مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَيف تحتجون فِي هَذَا أَيْضا بقول أبي بكر رضيت لكم أحد هذَيْن وَخِلَافَة أبي بكر عنْدكُمْ نَص من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن أَيْن لَهُ أَن يتْرك مَا نَص عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن فعل الْأَنْصَار رَضِي الله عَنْهُم انتظم حكمين أَحدهمَا تَقْدِيم من لَيْسَ قرشياً وَهَذَا خطأ وَقد خالفهم فِيهِ الْمُهَاجِرُونَ فَسَقَطت هَذِه الْقَضِيَّة وَالثَّانِي جَوَاز تَقْدِيم من غَيره أفضل مِنْهُ وَهَذَا صَوَاب وافقهم عَلَيْهِ أَبُو بكر وَغَيره فصاروا جماعا فَقَامَتْ بِهِ الْحجَّة وَلَيْسَ خطأ من أَخطَأ وَخَالفهُ فِي قَول وَخَالفهُ فِيهِ من أصَاب الْحق بِمُوجب أَن لَا يحْتَج بصوابه الَّذِي وَافقه فِيهِ أهل الْحق وَهَذَا مَا لَا خلاف فِيهِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَأما أَمر أبي بكر فَإِن الْحق كَانَ لَهُ بِالنَّصِّ وللمرء أَن يتْرك حَقه إِذا رأى فِي تَركه إصْلَاح ذَات بَين الْمُسلمين وَلَا فرق بَين عَطِيَّة أَعْطَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين منزلَة صبرها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإِنْسَان فَكَانَ لَهُ أَن يتحافى عَنْهَا لغيره إِذْ لم يمنعهُ من ذَلِك نَص وَلَا إِجْمَاع وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وبرهان صِحَة قَول من قَالَ بِأَن الْإِمَامَة جَائِزَة لمن غَيره أفضل مِنْهُ وَبطلَان قَول من خَالف ذَلِك أَنه لَا سَبِيل إِلَى أَن يعرف الْأَفْضَل إِلَّا بِنَصّ أَو إِجْمَاع أَو معْجزَة تظهر فالمعجزة ممتنعة هَاهُنَا بِلَا خلاف وَكَذَلِكَ الْإِجْمَاع وَكَذَلِكَ النَّص وبرهان آخر وَهُوَ أَن الَّذِي كلفوا بِهِ من معرفَة الْأَفْضَل مُمْتَنع حَال لن قُريْشًا مفترقون فِي الْبِلَاد من أقْصَى السَّنَد إِلَى أقْصَى الأندلس إِلَى أقْصَى الْيمن وصحاري البربر إِلَى أقْصَى أرمينية وأذربيجان وخراسان فَمَا بَين ذَلِك من الْبِلَاد فمعرفة أسمائهم مُمْتَنع فَكيف معرفَة أَحْوَالهم فَكيف معرفَة أفضلهم وبرهان آخر وَهُوَ أَنا بالحس والمشاهدة نَدْرِي أَنه لَا يدْرِي أحد فضل إِنْسَان على غَيره مِمَّن