من سرق خَمْسَة دَرَاهِم أَو قيمتهَا فَهُوَ فَاسق منسلخ من الْإِسْلَام مخلد أبدا فِي النيرَان إِلَّا أَن يَتُوب وَقَالَ بشر بن الْمُعْتَمِر أَن من سرق عشرَة دَرَاهِم غير حَبَّة فَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَلَا وَعِيد فَإِن سرق عشرَة دَرَاهِم خرج عَن الْإِسْلَام وَوَجَب عَلَيْهِ الخلود إِلَّا أَن يَتُوب وَقَالَ النظام إِن سرق مأتي دِرْهَم غير حَبَّة فَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَلَا وَعِيد وَإِن سرق مأتي دِرْهَم خرج عَن الْإِسْلَام وَلَزِمَه الخلود إِلَّا أَن يَتُوب وَقَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن أحور بن الأخشيد وَهُوَ أحد رُؤَسَائِهِمْ الثَّلَاثَة الَّذين انْتَهَت رياستهم إِلَيْهِم وافترقت الْمُعْتَزلَة على مذاهبهم وَالثَّانِي مِنْهُم أَبُو هَاشم الجبائي وَالثَّالِث عبد الله بن مُحَمَّد بن مَحْمُود الْبَلْخِي الْمَعْرُوف بالكعبي وَكَانَ وَالِد أَحْمد بن عَليّ الْمَذْكُور أحد قواد الفراعنة وَولي الثغور للمعتضد وللمكتفي فَكَانَ من قَول أَحْمد الْمَذْكُور أَن من ارْتكب كل ذَنْب فِي الدُّنْيَا وَهَكَذَا أبدا مَتى عَاد لذَلِك الذَّنب أَو لغيره من الْقَتْل فَمَا دونه إِلَّا أَنه نَدم أثر فعله لَهُ فقد صحت تَوْبَته وَسقط عَنهُ ذَلِك الذَّنب أبدا وَهَكَذَا أبدا مَتى عَاد لذَلِك الذَّنب أَو لغيره
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) هَذَا قَول لم يبلغهُ جَمَاهِير المرجئة وَهُوَ مَعَ ذَلِك يَدعِي أَن القَوْل بإنفاذ الْوَعْد والوعيد وَمَا على أَدِيم الأَرْض مُسلم لَا ينْدَم على ذَنبه وَقَالَ عبد الرَّحْمَن تلميذ أبي الْهُذيْل أَن الْحجَّة لَا تقوم فِي الْأَخْبَار إِلَّا بِنَقْل خَمْسَة يكون فيهم ولي لله لَا أعرفهُ بِعَيْنِه وَعَن كل وَاحِد من أُولَئِكَ الْخَمْسَة خَمْسَة مثلهم وَهَكَذَا أبدا وَقَالَ صَالح تلميذ النظام أَن من رأى رُؤْيا أَنه بِالْهِنْدِ أَو أَنه قتل أَو أَنه أَي شَيْء رأى فَإِنَّهُ حق يَقِين كَمَا رأى كَمَا لَو كَانَ ذَلِك فِي الْيَقَظَة وَقَالَ عباد بن سُلَيْمَان الْحَواس سبع وَقَالَ النظام الألوان جسم وَقد يكون جسمان فِي مَكَان وَاحِد وَكَانَ النظام يَقُول لَا تعرف الْأَجْسَام بالأخبار أصلا لَكِن كل من رأى جسماً سَوَاء كَانَ المرئي إنْسَانا أَو غير إِنْسَان فَإِن النَّاظر إِلَيْهِ اقتطع مِنْهُ قِطْعَة اخْتلطت بجسم الرَّائِي ثمَّ كل من أخبرهُ ذَلِك الرَّائِي عَن ذَلِك الْجِسْم فَإِن الْمخبر أَيْضا أَخذ من تِلْكَ الْقطعَة قِطْعَة وَهَكَذَا أبدا
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذِه قصَّة لَوْلَا أننا وجدناها عَنهُ من طَرِيق تلامذته المعظمين لَهُ ذكروها فِي كتبهمْ عَنهُ مَا عَرفْنَاهُ على ذِي مسكة من عقل فألزمه خصومه على هَذَا أَن قطعا من جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام فِي نَار جَهَنَّم وَأَن قطعا من فِرْعَوْن وإبليس وَأبي لَهب وَأبي جهل فِي الْجنَّة وَكَانَ يزْعم أَنه لَا سُكُون فِي شَيْء من الْعَالم أصلا وَأَن كل سُكُون يعلم بتوسط الْبَصَر فَهُوَ حَرَكَة بِلَا شكّ وَكَانَ معمر يزْعم أَنه لَا حَرَكَة فِي شَيْء من الْعَالم وَإِن كل مَا يُسَمِّيه النَّاس حَرَكَة فَهُوَ سُكُون وَكَانَ عباد بن سُلَيْمَان يَقُول أَن الْأمة إِذا اجْتمعت وصلحت وَلم تتظالم احْتَاجَت حِينَئِذٍ إِلَى إِمَام يسوسها ويدبرها وَإِن عَصَتْ وفجرت وظلمت استغنت عَن الإِمَام وَكَانَ أَبُو الْهُذيْل يَقُول أَن الْإِنْسَان لَا يفعل شَيْئا فِي حَال استطاعته وَإِنَّمَا يفعل بالاستطاعة بعد ذهابها فألزمه خصومه أَن الْإِنْسَان إِنَّمَا يفعل إِذا لم يكن مستطيعاً وَأما إِذا كَانَ مستطيعاً فَلَا وَإِن الْمَيِّت يفعل كل فعل فِي الْعَالم
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وحماقاتهم أَكثر من ذَلِك ونعوذ بِاللَّه من الخذلان