(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) اتّفقت الْأمة كلهَا على وجوب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بِلَا خلاف من أحد مِنْهُم لقَوْل الله تَعَالَى {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} ثمَّ اخْتلفُوا فِي كيفيته فَذهب بعض أهل السّنة من القدماء من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَمن بعدهمْ وَهُوَ قَول أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره وَهُوَ قَول سعد بن أبي وَقاص وَأُسَامَة ابْن زيد وَابْن عمر وَمُحَمّد بن مسلمة وَغَيرهم إِلَى أَن الْغَرَض من ذَلِك إِنَّمَا هُوَ بِالْقَلْبِ فَقَط وَلَا بَدَأَ وباللسان إِن قدر على ذَلِك وَلَا يكون بِالْيَدِ وَلَا بسل السيوف وَوضع السِّلَاح أصلا وَهُوَ قَول ابي بكر ابْن كيسَان الْأَصَم وَبِه قَالَت الروافض كلهم وَلَو قتلوا كلهم إِلَّا أَنَّهَا لم تَرَ ذَلِك إِلَّا مَا لم يخرج النَّاطِق فَإِذا خرج وَجب سل السيوف حِينَئِذٍ مَعَه وَإِلَّا فَلَا واقتدى أهل السّنة فِي هَذَا بعثمان رَضِي الله عَنهُ وَمِمَّنْ ذكرنَا من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وبمن رأى الْقعُود مِنْهُم إِلَّا أَن جَمِيع الْقَائِلين بِهَذِهِ الْمقَالة من أهل السّنة إِنَّمَا رَأَوْا ذَلِك مَا لم يكن عدلا فَإِن كَانَ عدلا وَقَامَ عَلَيْهِ فَاسق وَجب عِنْدهم بِلَا خلاف سل السيوف مَعَ الإِمَام الْعدْل وَقد روينَا عَن ابْن عمرانة قَالَ لَا أَدْرِي من هِيَ الفئة الباغية وَلَو علمنَا مَا سبقتني أَنْت وَلَا غَيْرك إِلَى قتالها
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا الَّذِي لَا يظنّ بأولئك الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم غَيره وَذَهَبت طوائف من أهل السّنة وَجَمِيع الْمُعْتَزلَة وَجَمِيع الْخَوَارِج والزيدية إِلَى أَن سل السيوف فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَاجِب إِذا لم يُمكن دفع الْمُنكر إِلَّا بذلك قَالُوا فَإِذا كَانَ أهل الْحق فِي عِصَابَة يُمكنهُم الدّفع وَلَا ييئسون من الظفر فَفرض عَلَيْهِم ذَلِك وَإِن كَانُوا فِي عدد لَا يرجون لقلتهم وضعفهم بظفر كَانُوا فِي سَعَة من ترك التَّغْيِير بِالْيَدِ وَهَذَا قَول عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وكل من مَعَه من الصَّحَابَة وَقَول أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وكل من كَانَ مَعَهم من الصَّحَابَة وَقَول مُعَاوِيَة وَعَمْرو والنعمان بن بشير وَغَيرهم مِمَّن مَعَهم من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَهُوَ قَول عبد الله بن الزبير وَمُحَمّد وَالْحسن بن عَليّ وَبَقِيَّة الصَّحَابَة من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار والقائمين يَوْم الْحرَّة رَضِي الله عَن جَمِيعهم أَجْمَعِينَ وَقَول كل من أَقَامَ على الْفَاسِق الْحجَّاج وَمن وَالَاهُ من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم جَمِيعهم كأنس بن مَالك وكل من كَانَ مِمَّن ذكرنَا من أفاضل التَّابِعين كَعبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى وَسَعِيد بن جُبَير وَابْن البحتري الطَّائِي وَعَطَاء السّلمِيّ الْأَزْدِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمَالك بن دِينَار وَمُسلم بن بشار وَأبي الْحَوْرَاء وَالشعْبِيّ وَعبد الله بن غَالب وَعقبَة بن عبد الغافر وَعقبَة بن صهْبَان وماهان والمطرف بن الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة وَأبي الْمعد وحَنْظَلَة بن عبد الله وَأبي سح الْهنائِي وطلق بن حبيب والمطرف بن عبد الله ابْن السخير والنصر بن أنس وَعَطَاء بن السَّائِب وَإِبْرَاهِيم بن يزِيد التَّيْمِيّ وَأبي الحوسا وجبلة بن زحر وَغَيرهم ثمَّ من بعد هَؤُلَاءِ من تَابِعِيّ التَّابِعين وَمن بعدهمْ كَعبد الله بن عبد الْعَزِيز ابْن عبد الله بن عمر وكعبد الله بن عمر وَمُحَمّد بن عجلَان وَمن خرج مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن وهَاشِم بن بشر ومطر وَمن أخرج مَعَ إِبْرَاهِيم بن عبد الله وَهُوَ الَّذِي تدل عَلَيْهِ أَقْوَال الْفُقَهَاء كَأبي حنيفَة وَالْحسن بن حييّ وَشريك وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَدَاوُد وأصحابهم فَإِن كل من ذكرنَا من قديم وَحَدِيث إِمَّا نَاطِق بذلك فِي فتواه وَإِمَّا الْفَاعِل لذَلِك بسل سَيْفه فِي إِنْكَار مَا رَآهُ مُنْكرا