أَن الْمَسِيح قَالَ لتلاميذه من آمن بِي سيفعل الأفاعيل الَّتِي أَفعَلهَا أَنا وسيفعل أعظم مِنْهَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي هَذِه الْفُصُول ثَلَاث طوام من الْكَذِب عَظِيمَة لَا يخلوا لتلاميذ الْمَذْكُورين ثمَّ هَؤُلَاءِ الأشقياء بعدهمْ إِلَى الْيَوْم من أَن يَكُونُوا مُؤمنين بالمسيح أَو غير مُؤمنين وَلَا سَبِيل إِلَى قسم ثَالِث فَإِن كَانُوا مُؤمنين فقد كذب الْمَسِيح فِيمَا وعدهم بِهِ فِي هَذِه الْفُصُول جهاراً وحاشى لَهُ من الْكَذِب وَمَا مِنْهُم أحد قطّ قدر أَن تأتمر لَهُ ورقة فَكيف على قلع جبل وإلقائه فِي الْبَحْر وَإِن كَانُوا غير مُؤمنين بِهِ فهم بإقرارهم هَذَا كفار وَلَا خير فِي كَافِر وَلَا يجوز أَن يصدق كَافِر وَلَا أَن يُؤْخَذ الدّين عَن كَافِر وَلَا بُد لَهُم من أَن يجيبوا إِذْ سألناهم أَفِي قُلُوبكُمْ مِقْدَار حَبَّة خَرْدَل من إِيمَان أم لَا وتؤمنون بالمسيح أم لَا فَإِن قَالُوا نعم نَحن مُؤمنُونَ بِهِ وَالْإِيمَان فِي قُلُوبنَا قُلْنَا كذب الْمَسِيح بَقينَا فِيمَا أخبر بِهِ من أَن من فِي قلبه مِقْدَار حَبَّة خَرْدَل من إِيمَان يَأْمر الْجَبَل بِأَن ينقلع فينقلع وَالله مَا مِنْكُم أحد يقدر على تيبيس شَجَرَة بدعائه وَلَا على قلع جبل من مَوْضِعه وَإِن قَالُوا لَيْسَ فِي قُلُوبنَا قدر حَبَّة خَرْدَل من إِيمَان وَلَا نَحن مُؤمنُونَ بِهِ قُلْنَا صَدقْتُمْ وَالله حَقًا انْظُر كَيفَ كذبُوا على أنفسهم وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون صدق الله عز وَجل وأنبياؤه وَكذب مَتى وباطرة ويوحنا ومارقش ولوقا وَسَائِر النَّصَارَى وَهُوَ الكذابون وَلَقَد قلت هَذَا لبَعض عُلَمَائهمْ فَقَالَ لي إِنَّمَا عَنى شَجَرَة الْخَرْدَل الَّتِي تعلو على جَمِيع الزراريع حَتَّى يسكن الطير فِيهَا فَقلت لَهُ لم يقل فِي الأناجيل مثل شجر الْخَرْدَل إِنَّمَا قَالَ مثل حَبَّة الْخَرْدَل وَقد وصفهَا الْمَسِيح بإقرارهم بِأَنَّهَا أدق الزراريع وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ إِلَّا مُؤمن أَو كَافِر وَأما الشاك فَإِنَّهُ مَتى دخل الْإِيمَان شكّ بَطل وَحصل صَاحبه فِي الْكفْر فَكيف وَلم يدعنا الْمَسِيح بإقرارهم فِي شكّ من هَذَا التَّأْوِيل الْفَاسِد بل زَعَمُوا أَنه قَالَ لَهُم لتشككم لَئِن كَانَ لكم إِيمَان قدر حَبَّة الْخَرْدَل لتقولن للجبل وَقَالَ فِي إنجيل يوحنا كَمَا أوردنا لَئِن آمنتم وَلم تَشكوا فَإِنَّمَا أَرَادَ بِيَقِين بِهَذِهِ النُّصُوص التَّصْدِيق الَّذِي هُوَ خلاف الشَّك لَا غَايَة الْعَمَل الصَّالح وَقَالَ كَمَا أوردنا فِي إنجيل يوحنا من آمن بِي سيفعل الأفاعيل الَّتِي أفعل أَنا فَعَن هَذَا الْإِيمَان بِهِ سألناكم أَفِي قُلُوبكُمْ هُوَ أم لَا فَقولُوا مَا بدا لكم
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأما أَنا فَلَو سَمِعت هَذَا القَوْل مِمَّن يَدعِي النُّبُوَّة لما ترددت فِي الْيَقِين بِأَنَّهُ كَذَّاب وَوَاللَّه مَا قَالَهَا الْمَسِيح قطّ وَلَا اخترع هَذَا الْكَذِب إِلَّا أُولَئِكَ السفلة مَتى ويوحنا وأمثالهم وَالْعجب كُله إِقْرَار مَتى فِي الْفَصْل الْمَذْكُور كَمَا أوردنا أَن الْمَسِيح قَالَ لَهُ ولأصحابه أَنهم إِنَّمَا عجزوا عَن إِبْرَاء الْمَجْنُون لشكهم فَشهد عَلَيْهِم بِالشَّكِّ وَأَنه لَو كَانَ لَهُم إِيمَان لم يعْجزُوا عَن ذَلِك فَلَا يَخْلُو الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَا حكوا عَنهُ من الْكَذِب أَن يكون كَاذِبًا أَو صَادِقا فَإِن كَانَ كَاذِبًا فَهَذِهِ صفة سوء والكاذب لَا يكون نَبيا فَكيف إِلَهًا وَإِن كَانَ صَادِقا فَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute