المزنوقية وَهَذَا برهَان ظَاهر على كذب جَمِيعهم عَلَيْهِمَا بِلَا شكّ وَقد رامت الغالية مثل هَذَا فِي الْقُرْآن وَلَكِن قد تولى الله حفظه وَبِالْجُمْلَةِ فَكل كتاب وَشَرِيعَة كَانَا مقصورين على رجال من أَهلهَا وَكَانَا محظورين على من سواهُمَا فالتبديل والتحريف مَضْمُون فيهمَا وَكتاب الْمَجُوس وشريعتهم إِنَّمَا كَانَ طول مُدَّة دولتهم عِنْد المؤبذ وَعند ثَلَاثَة وَعشْرين هربذاً لكل هربذ سفر قد أفرد بِهِ وَحده لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره من الهرابذة وَلَا من غَيرهم وَلَا يُبَاح بشيءٍ من ذَلِك لأحد سواهُم ثمَّ دخل فِيهِ الخرم بإحراق الْإِسْكَنْدَر لكتابهم أَيَّام غلبته لدارا بن دَارا وهم مقرون بِلَا خلاف مِنْهُم أَنه ذهب مِنْهُ مِقْدَار الثُّلُث ذكر ذَلِك بشير الناسك وَغَيره من عُلَمَائهمْ وَكَذَلِكَ التَّوْرَاة إِنَّمَا كَانَت طول مُدَّة ملك بني إِسْرَائِيل عِنْد الكوهن الْأَكْبَر الهاروني وَحده لَا يُنكر ذَلِك مِنْهُم إِلَّا كَذَّاب مجاهر وَكَذَلِكَ الْإِنْجِيل إِنَّمَا هِيَ كتب أَرْبَعَة مُخْتَلفَة من تأليف أَرْبَعَة رجال فَأمكن فِي كل ذَلِك التبديل وَقد نقلت كواف الْمَجُوس الْآيَات المعجزات عَن زرادشت كالصفر الَّذِي أفرغ وَهُوَ مذاب على صَدره فَلم يضرّهُ وقوائم الْفرس الَّتِي غاصت فِي بَطْنه فأخرجها وَغير ذَلِك وَمِمَّنْ قَالَ أَن الْمَجُوس أهل كتاب عَليّ بن أبي طَالب وَحُذَيْفَة رَضِي الله عَنْهُمَا وَسَعِيد بن الْمسيب وَقَتَادَة وَأَبُو ثَوْر وَجُمْهُور أَصْحَاب أهل الظَّاهِر وَقد بَينا الْبَرَاهِين الْمُوجبَة لصِحَّة هَذَا القَوْل فِي كتَابنَا الْمُسَمّى الإيصال فِي كتاب الْجِهَاد مِنْهُ وَفِي كتاب الذَّبَائِح مِنْهُ وَفِي كتاب النِّكَاح مِنْهُ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين ويكفى من ذَلِك صِحَة أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجِزْيَة مِنْهُم وَقد حرم الله عز وَجل فِي نَص الْقُرْآن فِي آخر سُورَة نزلت مِنْهُ وَهِي بَرَاءَة أَن تُؤْخَذ الْجِزْيَة من غير كتابي
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَأما العيسوية من الْيَهُود فَإِنَّهُ يُقَال لَهُم إِذا صَدقْتُمْ الكافة فِي نقل الْقُرْآن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي نقل معجزاته وَصِحَّة نبوته فقد لزمكم الإنقياد لما فِي الْقُرْآن من أَنه عَلَيْهِ السَّلَام بعث إِلَى النَّاس كَافَّة بقوله تَعَالَى فِيهِ آمراً لرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَقُول يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم جَمِيعًا وَقَوله تَعَالَى {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} وَقَوله تَعَالَى فِيهِ {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} إِلَى قَوْله {حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون} وَمَا فِيهِ من دُعَاء الْيَهُود إِلَى ترك مَا هم عَلَيْهِ وَالرُّجُوع إِلَى شَرِيعَته عَلَيْهِ السَّلَام وَهَذَا مَا لَا مخلص مِنْهُ فَإِن اعْترضُوا بِمَا فِي الْقُرْآن مِمَّا حرم عَلَيْهِم يَعْنِي الْيَهُود وحضهم على الْتِزَام السبت
فَإِنَّمَا هُوَ تبكيت لَهُم فِيمَا سلف من أسلافهم الَّذين قفوا هم آثَارهم يبين هَذَا نَص الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني إِسْرَائِيل ليحل لَهُم بعض الَّذِي حرم عَلَيْهِم وَهَذَا نَص جلي على نسخ شريعتهم وبطلانها ثمَّ مَا لم يُنكره أحد من مُؤمن وَلَا كَافِر من أَنه عَلَيْهِ السَّلَام حَارب يهود بني إِسْرَائِيل من بني قُرَيْظَة وَالنضير وهذل وَبني قنيقاع وقتلهم وسباهم وألزمهم الْجِزْيَة وَسَمَّاهُمْ كفَّارًا إِذْ لم يرجِعوا إِلَى الْإِسْلَام وَقبل إِسْلَام من أسلم مِنْهُم فَلَو لم يكن نسخ دينهم مَا حل لَهُ إجبارهم على تَركه أَو الْجِزْيَة وَالصغَار وَلَا جَازَ لَهُ قبُول ترك مَا ترك مِنْهُم بدين بني إِسْرَائِيل