بِكَلِمَة الله مُوَاجهَة فِي جَمِيع عجائبه الَّتِي فعل على يَدَيْهِ بِأَرْض مصر فِي فِرْعَوْن مَعَ عبيده وَجَمِيع أهل مَمْلَكَته وَلَا من صنع مَا صنع مُوسَى فِي جمَاعَة بني إِسْرَائِيل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ هَذَا آخر توراتهم وتمامها وَهَذَا الْفَصْل شَاهد عدل وبرهان تَامّ وَدَلِيل قَاطع وَحجَّة صَادِقَة فِي أَن توراتهم مبدلة وَأَنَّهَا تَارِيخ مؤلف كتبه لَهُم من تحرض بجهله أَو تعمد بفكره وَأَنَّهَا غير منزلَة من عِنْد الله تَعَالَى إِذْ لَا يُمكن أَن يكون هَذَا الْفَصْل منزلا على مُوسَى فِي حَيَاته فَكَانَ يكون أَخْبَارًا عَنْهُمَا لم يكن بمساق مَا قد كَانَ وَهَذَا هُوَ مَحْض الْكَذِب تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَقَوله لم يعرف قَبره آدَمِيّ إِلَى الْيَوْم بَيَان لما ذكرنَا كَاف وَأَنه تَارِيخ ألف بعد دهر طَوِيل وَلَا بُد
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ هَا هُنَا انْتهى مَا وجدنَا من التَّوْرَاة للْيَهُود الَّتِي اتّفق عَلَيْهَا الربانيون والعانانيون والعيسويون والصدوقيون مِنْهُم مَعَ النَّصَارَى أَيْضا بِلَا خلاف مِنْهُم فِيهَا من الْكَذِب الظَّاهِر فِي الْأَخْبَار وَفِيمَا يخبر بِهِ عَن الله تَعَالَى ثمَّ عَن مَلَائكَته ثمَّ عَن رسله عَلَيْهِم السَّلَام من المناقضات الظَّاهِرَة وَالْفَوَاحِش المضافة إِلَى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَلَو لم يكن فِيهَا إِلَّا فصل وَاحِد من الْفُصُول الَّتِي ذكرنَا لَكَانَ مُوجبا وَلَا بُد لكَونهَا مَوْضُوعَة محرفة مبدلة مكذوبة فَكيف وَهِي سَبْعَة وَخَمْسُونَ فصلا من جُمْلَتهَا فُصُول بِجمع الْفَصْل الْوَاحِد مِنْهَا سبع كذبات أَو مناقضات فَأَقل سوى ثَمَانِيَة عشر فصلا يتكاذب فِيهَا نَص توراة الْيَهُود مَعَ نَص تِلْكَ الْأَخْبَار بِأَعْيَانِهَا عِنْد النَّصَارَى وَالْكذب لائح وَلَا بُد فِي إِحْدَى الحكايتين فَمَا ظنكم بِمثل هَذَا الْعدَد من الْكَذِب والمناقضة فِي مِقْدَار توراتهم وَإِنَّمَا هِيَ مِقْدَار مائَة ورقة وَعشرَة أوراق فِي كل صفحة مِنْهَا من ثَلَاثَة وَعشْرين سطراً إِلَى نَحْو ذَلِك بِخَط هوإلى الِانْفِسَاخ أقرب يكون فِي السطر بضع عشرَة كلمة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَنحن نصف إِن شَاءَ الله تَعَالَى حَال كَون التَّوْرَاة عِنْد نبى إِسْرَائِيل من أول دولتهم إِثْر موت مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى انْقِرَاض دولتهم إِلَى رجوعهم إِلَى بَيت الْمُقَدّس إِلَى أَن كتبهَا لَهُم عزّر الْوراق بِإِجْمَاع من كتبهمْ واتفاق من عُلَمَائهمْ دون خلاف يُوجد من أحد مِنْهُم فِي ذَلِك وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ من ذَلِك نبهنا عَلَيْهِ ليتيقن كل ذِي فهم أَنَّهَا محرفة مبدلة وَبِاللَّهِ تَعَالَى نستعين
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ دخل بَنو إِسْرَائِيل الْأُرْدُن وفلسطين والغور مَعَ يُوشَع بن نون مُدبر أَمرهم عَلَيْهِ السَّلَام إِثْر موت مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَمَعَ يُوشَع العازار بن هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام صَاحب السرادق بِمَا فِيهِ وَعِنْده التَّوْرَاة لَا عِنْد أحد غَيره بإقرارهم فدبر يُوشَع عَلَيْهِ السَّلَام أَمرهم فِي استقامة وألزمهم للدّين إِحْدَى وَثَلَاثِينَ سنة مذمات مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أَن مَاتَ يُوشَع ثمَّ دبرهم فيخاس بن العزر بن هَارُون وَهُوَ صَاحب السرادق والكوهن الْأَكْبَر والتوراة عِنْده لَا عِنْد أحد غَيره خمْسا وَعشْرين سنة فِي استقامة والتزام للدّين ثمَّ مَاتَ وَطَائِفَة مِنْهُم عَظِيمَة يَزْعمُونَ أَنه حَيّ إِلَى الْيَوْم وَثَلَاثَة أنفس إِلَيْهِ وهم الياس النَّبِي الهاروني عَلَيْهِ السَّلَام وملكيصيدق بن فالج بن عَامر بن ارفخشاذ بن سَام بن نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَالْعَبْد الَّذِي بَعثه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ليزوج إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام رفْقَة بنت بتوئيل بن ناخور أخي