الْبَاب السَّادِس وَالْعِشْرين من إنجيل مَتى وَأَيْضًا فِي الْبَاب الثَّانِي عشر من إنجيل مارقش أَن الْمَسِيح قَالَ لتلاميذه لَيْلَة أَخذه لَا شربت بعْدهَا من نسل الزرجون حَتَّى أشربها مَعكُمْ جَدِيدَة فِي ملكوت الله وَفِي الْبَاب الرَّابِع عشر من إنجيل لوقا أَن الْمَسِيح قَالَ للحواريين الاثْنَي عشر أَنْتُم الَّذين صَبَرْتُمْ معي فِي جَمِيع مصائبي فَإِنِّي ألخص لكم الْوَصِيَّة على مَا لخصها لي أبي لتطعموا وتشربوا على مائدتي فِي ملكوتي وتجلسوا على عروش حاكمين على اثْنَي عشر سبطاً من بني إِسْرَائِيل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَفِي الْفَصْل الأول أَن النَّاس فِي الْآخِرَة لَا يتناكحون وَفِي الْفُصُول الثَّلَاثَة بعده أَن فِي الْجنَّة أكلا وشرباً للخبز وَالْخمر على الموائد وَالنَّصَارَى يُنكرُونَ كل هَذَا وَلَا مؤونة عَلَيْهِم فِي تكذيبهم للمسيح مَعَ إقرارهم بعبادتهم لَهُ وَأَنه رَبهم لَا سِيمَا وَفِي الْفَصْل الأول أَن النَّاس فِي الْجنَّة كالملائكة وَفِي التَّوْرَاة الَّتِي يصدقون بهَا أَن الْمَلَائِكَة أكلت عِنْد لوط وَعند إِبْرَاهِيم الفطاير وَاللَّحم وَاللَّبن وَالسمن وَإِذا كَانَت الْمَلَائِكَة يَأْكُلُون وَالنَّاس فِي الْجنَّة مثلهم فَالنَّاس فِي الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ بِلَا شكّ بِمُوجب التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَلَا سِيمَا وَقد أخبروا أَن الْمَسِيح بعد أَن مَاتَ وَرجع إِلَى الدُّنْيَا وَلَقي تلاميذه طلب مِنْهُم مَا يَأْكُل فَأتوهُ بحوت مشوي فَأكل مَعَهم وَشرب شراب عسل بعد مَوته فَإِذا كَانَ الْإِلَه يَأْكُل الْحيتَان المشوية وَيشْرب عَلَيْهَا الْعَسَل فَأَي فكرة فِي شرب النَّاس وأكلهم فِي الْجنَّة وَإِذا كَانَ الله تَعَالَى عِنْدهم اتخذ ولدا من امْرَأَة اصطفاها فَأَي عجب فِي اتِّخَاذ النَّاس النِّسَاء فِي الْجنَّة وَهَذَا هُوَ طبعهم الَّذِي بناهم الله عَلَيْهِ إِلَّا أَن فِي رعونة هَؤُلَاءِ النوكي لعبرة لمن اعْتبر وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَعجب آخر وَهُوَ وعده الاثْنَي عشر تلميذاً بِأَنَّهُم يَقْعُدُونَ على عروش حاكمين على الاثْنَي عشر سبطاً من بني إِسْرَائِيل فَيُوجب ضَرُورَة كَون يهوذا الأسخريوطى فيهم وَلَا يجوز أَن يُخَاطب بِهَذَا أَصْحَابه دونه لِأَنَّهُ قد أوضح أَنهم اثْنَا عشر على اثْنَي عشر سبطاً من بني إِسْرَائِيل فَوَجَبَ ضن ورة كَونه فيهم وَهُوَ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْيَهُود برشوة ثَلَاثِينَ درهما فَلَا بُد من أَنه لم يُذنب فِي ذَلِك وَهَذَا كذب لِأَنَّهُ قد قَالَ فِي مَكَان آخر ويل لذَلِك الْإِنْسَان الَّذِي كَانَ أحب إِلَيْهِ لَو لم يخلق أَو كذب الْمَسِيح فِي هَذَا الْوَعْد الْمَذْكُور لَا بُد من أَحدهمَا