للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَمْعُون ثمَّ بولس ثمَّ أساقفهم عصراً عصراً هَذَا أَمر لَا يقدر أحد مِنْهُم على إِنْكَاره وَلَا إِنْكَار شَيْء مِنْهُ إِلَّا أَن يَدعِي أحد مِنْهُم كذبا عِنْد من يطْمع فِي تجويزه عَلَيْهِ مِمَّن يظنّ بِهِ جهلا بِمَا عِنْده فَقَط وَأما إِذا قررهم على ذَلِك من يَدْرُونَ أَنه يعرف كتبهمْ فَلَا سَبِيل لَهُم إِلَى إِنْكَاره اصلاً

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَنقل الْقُرْآن وَمَا فِيهِ من إِعْلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كالإنذار بالغيوب وشق الْقَمَر وَدُعَاء الْيَهُود إِلَى تمني الْمَوْت وَالنَّصَارَى إِلَى المباهلة وَجَمِيع الْعَرَب إِلَى الْمَجِيء بِمثل الْقُرْآن وبتوبيخهم بِالْعَجزِ عَنهُ وبتوبيخ الْيَهُود بِأَنَّهُم لَا يتمنون الْمَوْت وقصة الطير الأبابيل ورميها أَصْحَاب الْفِيل بحجارة من سجيل وَكثير من الشَّرَائِع وَكثير من السّنَن فَإِنَّهُ نقل كل ذَلِك الْيَمَانِيّ والمضري والربيعي والقضاعي وَكلهمْ أَعدَاء متباينون متحاربون يقتل بَعضهم بَعْضًا لَيْسَ هُنَاكَ شيءٌ يَدعُوهُم إِلَى الْمُسَامحَة فِي نقلهم لَهُ ثمَّ نَقله عَن هَؤُلَاءِ من بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَكَانَت الْعَرَب بِلَا خلاف قوما لقاحاً لَا يملكهم أحد كمضر وَرَبِيعَة وإياد وقضاعة أَو ملوكاً فِي بِلَادهمْ يتوارثون الْملك كَابِرًا عَن كَابر كملوك الْيمن وعمان وَشهر بن بارام ملك صفا وَالْمُنْذر بن سَاوَى ملك الْبَحْرين وَالنَّجَاشِي ملك الْحَبَشَة وجعفر وعياذا بني الجلندي ملكي عمان فانقادوا كلهم لظُهُور الْحق وبهوره وآمنوا بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَوْعًا وهم آلَاف آلَاف وصاروا إخْوَة كبني أَب وَأم وانحل كل من أمكنه الانحلال عَن ملكه مِنْهُم إِلَى رسله طَوْعًا بِلَا خوف غَزْو وَلَا إِعْطَاء مَال وَلَا يطْمع فِي عز بل كلهم أقوى جَيْشًا من جَيْشه وَأكْثر مَالا وسلاحا مِنْهُ وأوسع بَلَدا من بَلَده كذي الكلاع وَكَانَ ملكا متوجاً ابْن مُلُوك متوجين تسْجد لَهُ جَمِيع رَعيته يركب أَمَامه ألف عبد من عبيده سوى بني عَمه من حمير وَذي طليم وَذي زود وَذي مران وَذي عَمْرو وَغَيرهم كلهم مُلُوك متوجون فِي بِلَادهمْ هَذَا كُله أَمر لَا يجهله أحد من حَملَة الْأَخْبَار بل هُوَ مَنْقُول كنقل كَون بِلَادهمْ فِي موَاضعهَا وَهَكَذَا كَانَ إِسْلَام جَمِيع الْعَرَب أَوَّلهمْ كالأوس والخزرج ثمَّ سَائِرهمْ قَبيلَة قَبيلَة لما ثَبت عِنْدهم من آيَاته وبهرهم من معجزاته وَمَا اتبعهُ الْأَوْس والخزرج إِلَّا وَهُوَ فريد طريد قد نابذه قومه حسدا لَهُ إِذا كَانَ فَقِيرا لَا مَال لَهُ يَتِيما لَا أَب وَلَا أَخ وَلَا ابْن أَخ وَلَا ولد أُمِّيا لَا يقْرَأ وَلَا يكْتب نَشأ فِي بِلَاد الْجَهْل يرْعَى غنم قومه بِأُجْرَة يتقوت بهَا فَعلمه الله تَعَالَى الْحِكْمَة دون معلم وَعَصَمَهُ من كل من أَرَادَهُ بِلَا حرس وَلَا حَاجِب وَلَا بواب وَلَا قصر يمْتَنع فِيهِ على كَثْرَة من أَرَادَ قَتله من شجعان الْعَرَب وفتاكهم كعامر بن الطُّفَيْل واربد بن جزءٍ وغورث بن الْحَارِث وَغَيرهم مَعَ إِقْرَار أعدائه بنبوته كمسيلمة وسجاح وطليحة وَالْأسود وَهُوَ مكذب لَهُم فَهَل بعد هَذَا برهَان أَو بعد هَذِه الْكِفَايَة من الله تَعَالَى كِفَايَة وَهُوَ لَا يَبْغِي دينا وَلَا يمني بهَا من اتبعهُ بل أنذر الْأَنْصَار بالأثرة عَلَيْهِم بعده وتابعوه على الصَّبْر على ذَلِك قَامَ لَهُ أَصْحَابه على قدم فَمَنعهُمْ وَأنكر ذَلِك عَلَيْهِم وأعلمهم أَن الْقيام لله تَعَالَى لَا لخلقه وَرَضوا بِالسُّجُود لَهُ فاستعظم ذَلِك وَأنْكرهُ إِلَّا لله وَحده وَلَا شكّ فِي أَن هَذِه لَيست صفة طَالب دنيا قطّ أصلا وَلَا صفة رَاغِب فِي غَلَبَة وَلَا بعد صَوت بل هَذِه حَقِيقَة النُّبُوَّة الْخَالِصَة لمن

<<  <  ج: ص:  >  >>