للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّذَّات من أَنْوَاع الْفَوَاحِش الْمُحرمَات من الْخُمُور وَالزِّنَا واللواطة والبغاء وَترك الصَّلَوَات وَالصِّيَام وَالزَّكَاة وَالْحج وَالْغسْل وقصدوا كسب المَال كَيفَ تيَسّر وظلم الْعباد وَاسْتِعْمَال الأهزال وَترك الْجد وَالتَّحْقِيق وَتَدين الْأَقَل مِنْهُم بتعظيم الْكَوَاكِب فأسفت نفس الْمُسلم الناصح لهَذِهِ الْملَّة وَأَهْلهَا على هَلَاك هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين وخروجهم عَن جملَة الْمُؤمنِينَ بعد أَن غذوا بلبان الْإِسْلَام ونشؤا فِي حجور أَهله نسْأَل الله الْعِصْمَة من الضلال لنا ولأبنائنا وَلكُل إِخْوَاننَا من الْمُسلمين ونسأله تدارك من زلت قدمه وهوت نَقله أَنه على كل شَيْء قدير وَأما الطَّائِفَة الثَّانِيَة فهم قوم ابتدؤا الطّلب لحَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يزِيدُوا على طلب علو الْإِسْنَاد وَجمع الغرائب دون أَن يهتموا بِشَيْء مِمَّا كتبُوا أَو يعملوا بِهِ وَإِنَّمَا تَحملُوهُ حملا لَا يزِيدُونَ على قِرَاءَته دون تدبر مَعَانِيه وَدون أَن يعلمُوا أَنهم المخاطبون بِهِ وَأَنه لم يَأْتِ هملاً وَلَا قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَبَثا بل أمرنَا بالتفقه فِيهِ وَالْعَمَل بِهِ بل أَكثر هَذِه الطَّائِفَة لَا يعْمل عِنْدهم إِلَّا مَا جَاءَ من طَرِيق مقَاتل بن سُلَيْمَان وَالضَّحَّاك بن مُزَاحم وَتَفْسِير الْكَلْبِيّ وَتلك الطَّبَقَة وَكتب البذي الَّتِي إِنَّمَا هِيَ خرافات مَوْضُوعَات وأكذوبات مفتعلات وَلَدهَا الزَّنَادِقَة تدليساً على الْإِسْلَام وَأَهله فأطلقت هَذِه الطَّائِفَة كل اخْتِلَاط لَا يَصح من أَن الأَرْض على حوت والحوت على قرن ثَوْر والثور على صَخْرَة والصخرة على عاتق ملك وَالْملك على الظلمَة والظلمة على مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله عز وَجل وَهَذَا يُوجب أَن جرم الْعَالم غير متناه وَهَذَا هُوَ الْكفْر بِعَيْنِه فنافرت هَذِه الطَّبَقَة الَّتِي ذكرنَا كل برهَان وَلم يكن عِنْدهَا أَكثر من قَوْلهم نهينَا عَن الْجِدَال فليت شعري من نَهَاهُم عَنهُ وَالله عز وَجل يَقُول فِي كِتَابه الْمنزل على نبيه الْمُرْسل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} وَأخْبر تَعَالَى عَن قوم نوح أَنهم قَالُوا {يَا نوح قد جادلتنا فَأَكْثَرت جدالنا} وَقد نَص تَعَالَى فِي غير مَوضِع من كِتَابه على أصُول الْبَرَاهِين وَقد نبهنا عَلَيْهَا فِي غير مَا مَوضِع من كتَابنَا هَذَا وحض تَعَالَى على التفكير فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلَا يَصح الِاعْتِبَار فِي خلقهما إِلَّا بِمَعْرِِفَة هيآتهما وانتقال الْكَوَاكِب فِي أفلاكهما وَاخْتِلَاف حركاتها فِي التَّغْرِيب والتشريق وأفلاك تداويرها وتعارض تِلْكَ الأدوار على رُتْبَة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ معرفَة الدَّوَائِر والمنطقة والميل والاستواء وَكَذَلِكَ معرفَة الطبائع وامتزاج العناصر الْأَرْبَعَة وعوارضها وتركيب أَعْضَاء الْحَيَوَان من عصبه وعضله وعظامه وعروقه وشرايينه واتصال أَعْضَائِهِ بَعْضهَا بِبَعْض وَقواهُ المركبة فَمن أشرف على ذَلِك وَعلمه رَأْي عَظِيم الْقُدْرَة وتيقن أَن كل ذَلِك صَنْعَة ظَاهِرَة وَإِرَادَة خَالق مُخْتَار لِأَن اخْتِلَاف تِلْكَ الحركات يضْطَر إِلَى الْمعرفَة بِأَن شَيْئا مِنْهَا لَا يقوم بِنَفسِهِ دون مُمْسك مُدبر لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَلَا خَالق سواهُ وَلَا مُدبر حاشاه وَلَا فَاعل مخترع إِلَّا هُوَ ثمَّ زَاد قوم مِنْهُم فَأتوا بالأفيكة الَّتِي تقشعر مِنْهَا الذوائب وَهِي إِن أطْلقُوا أَن الدّين لَا يُؤْخَذ بِحجَّة فأقروا عُيُون الْمُلْحِدِينَ وشهدوا أَن الدّين لَا يثبت إِلَّا بالدعاوى وَالْغَلَبَة وَهَذَا خلاف قَوْله عز وَجل {قل هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين} وَقَوله تَعَالَى {فانفذوا لَا تنفذون إِلَّا بسُلْطَان} هَذَا قَول الله عز وَجل وَمَا جَاءَ بِهِ نبيه صلى الله عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>