للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالْأَرْض أَيْضا سبع طباق منطبقة بَعْضهَا على بعض كإطباق السَّمَوَات لإخبار خالقنا بذلك وَلَيْسَ ذَلِك قبل الْخَبَر فِي حد الْمُمْتَنع بل فِي حد الْمُمكن وَذكر قوم قَول الله تَعَالَى {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَاوَات} فَقُلْنَا قَول الله هَذَا حَقًا وَقد قَالَ عز وَجل {وَفتحت السَّمَاء فَكَانَت أبوابا} قَالَ عز وَجل {يَوْم تكون السَّمَاء كَالْمهْلِ وَتَكون الْجبَال كالعهن} وَقَالَ تَعَالَى {وحملت الأَرْض وَالْجِبَال فدكتا دكةً وَاحِدَة فَيَوْمئِذٍ وَقعت الْوَاقِعَة وانشقت السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ واهية وَالْملك على أرجائها} وَقَالَ تَعَالَى {إِذا السَّمَاء انشقت} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذا الأَرْض مدت وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتخلت وأذنت لِرَبِّهَا وحقت} وَقَالَ تَعَالَى {إِذا السَّمَاء انفطرت وَإِذا الْكَوَاكِب انتثرت وَإِذا الْبحار فجرت} وَقَالَ تَعَالَى {إِذا الشَّمْس كورت وَإِذا النُّجُوم انكدرت وَإِذا الْجبَال سيرت} وَقَالَ تَعَالَى {أَن السَّمَاوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رتقاً ففتقناهما} وَقَالَ تَعَالَى {كَمَا بدأنا أول خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} وَقَالَ تَعَالَى وَذكر أهل الْجنَّة {خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك عَطاء غير مجذوذ} فَكل كَلَامه تَعَالَى حق لَا يجوز الِاقْتِصَار على بعضه دون بعض فصح يَقِينا أَن تَبْدِيل السَّمَوَات وَالْأَرْض إِنَّمَا هُوَ تَبْدِيل أحوالها لَا إعدامها لَكِن إخلاؤها من الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب والنجوم وتفتيحها أبواباً وَكَونهَا كَالْمهْلِ وتشققها ووهيها وانفطارها وتدكدك الأَرْض وَالْجِبَال وَكَونهَا كالعهن المنفوش وتسييرها وتسجير الْبحار فَقَط وَبِهَذَا تتألف الْآيَات كلهَا وَلَا يجوز عَن هَذَا أصلا وَمن اقْتصر على آيَة التبديل كذب كل مَا ذكرنَا وَهَذَا كفر مِمَّن فعله وَمن جمعهَا كلهَا فقد آمن بجميعها وَصدق الله تَعَالَى فِي كل مَا قَالَ وَهنا يُوجب مَا قُلْنَاهُ ضَرُورَة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

قَالَ أَبُو مُحَمَّد قد أكملنا وَالْحَمْد لله كثير الْكَلَام على الْملَل الْمُخَالفَة لدين الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ دين الله تَعَالَى على عباده الَّذِي لَا دين لَهُ فِي الأَرْض غَيره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وأوضحنا بعون الله تَعَالَى وتأييده الْبَرَاهِين الضرورية على إِثْبَات الْأَشْيَاء ووجودها ثمَّ على حدوثها كلهَا جواهرها وأعراضها بعد إِن لم تكن ثمَّ على أَن لَهَا مُحدثا وَاحِدًا مُخْتَارًا لم يزل وَحده لَا شَيْء مَعَه وَأَنه فعل لَا لعِلَّة وَترك لَا لعِلَّة بل كَمَا شَاءَ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ ثمَّ على صِحَة النبوات ثمَّ على صِحَة نبوة مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَن مِلَّته هِيَ الْحق وكل مِلَّة سواهَا بَاطِل وَأَنه آخر الْأَنْبِيَاء وملته آخر الْملَل فنبدأ الْآن بعون الله تَعَالَى وتأييده فِي ذكر نحل الْمُسلمين وافتراقهم فِيهَا وَبَيَان الْحق فِي كل وَبِاللَّهِ نستعين

<<  <  ج: ص:  >  >>