للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كُله دَعْوَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَلم نجد لَهُم سؤالاً أصلا وَلَا أتونا قطّ بِدَلِيل فنورده عَنْهُم وَلَا وجدنَا لَهُم شَيْئا يُمكن الشغب بِهِ فِي أزلية الْخَلَاء والمدة فنورده عَنْهُم وَإِن لم ينتبهوا وَإِنَّمَا هُوَ رَأْي قلدوا فِيهِ بعض قدماء الْمُلْحِدِينَ فَقَط وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَمِمَّا يبطل بِهِ الْخَلَاء الَّذِي سموهُ مَكَانا مُطلقًا وَذكروا أَنه لايتناهي وَأَنه مَكَان مُتَمَكن فِيهِ برهَان ضَرُورِيّ لانفكاك مِنْهُ وأطرف شَيْء أَنه برهانهم الَّذِي موهوا بِهِ وشغبو بإيراده وَأَرَادُوا بِهِ إِثْبَات الْخَلَاء وَهُوَ أننا نرى الأَرْض وَالْمَاء والأجسام الترابية من الصخور والزئبق وَنَحْو ذَلِك طباعها السّفل أبدا وَطلب الْوسط والمركز وَأَنَّهَا لَا تفارق هَذَا الطَّبْع فتصعد إِلَّا بقسر يغلبها وَيدخل عَلَيْهَا كرفعنا المَاء وَالْحجر قهرا فَإِذا رفعناهما ارتفعا فَإِذا تركناهما عادا إِلَى طبعهما بالرسوب ونجد النَّار والهواء طبعهما الصعُود والبعد عَن المركز وَالْوسط وَلَا يفارقان هَذَا الطَّبْع إِلَّا بحركة قسراً تدخل عليهمو وَيرى ذَلِك عيَانًا كالزق المنفوخ والإناء المجوف المصوب فِي المَاء فَإِذا زَالَت تِلْكَ الْحَرَكَة القسرية رجعا إِلَى طبعهما ثمَّ نجد الْإِنَاء الْمُسَمّى سارقة المَاء يبقي المَاء فِيهَا صعداً وَلَا ينسفك ونجد الزراقة ترفع التُّرَاب والزئبق وَالْمَاء ونجد الزرافة ترفع التُّرَاب والزئبق وَالْمَاء ونجد إِذا حفرنا بِئْرا امْتَلَأَ هَوَاء وسفل الْهَوَاء حِينَئِذٍ ونجد المحجمة تمس الْجِسْم الأرضي إِلَى نَفسهَا فَلَيْسَ كل هَذَا إِلَّا لأحد وَجْهَيْن لَا ثَالِث لَهما إِمَّا عدم الْخَلَاء جملَة كَمَا نقُول نَحن وَإِمَّا لِأَن طبع الْخَلَاء يجتذب هَذِه الْأَجْسَام إِلَى نَفسه كَمَا يَقُول من يثبت الْخَلَاء فَنَظَرْنَا فِي قَوْلهم أَن طبع الْخَلَاء يجتذب هَذِه الْأَجْسَام إِلَى نَفسه كَمَا يَقُول من يثبت الْخَلَاء فوجدناه دَعْوَى بِلَا دَلِيل فَسقط ثمَّ تأملناه أُخْرَى فوجدناه عَائِدًا عَلَيْهِم لِأَنَّهُ إِذا اجتذبت الْأَجْسَام وَلَا بُد فقد صَار ملاء فالملاء حَاضر مَوْجُود والخلاء دَعْوَى لَا برهَان عَلَيْهَا فَسَقَطت وَثَبت عدم الْخَلَاء ثمَّ نَظرنَا فِي قَوْلنَا فوجدناه يعلم بِالْمُشَاهَدَةِ وَذَلِكَ أننا لم نجد إِلَّا بالحس وَلَا بتوهم الْعقل بالإمكان مَكَانا يبْقى خَالِيا قطّ دون مُتَمَكن فصح الملاء بِالضَّرُورَةِ وَبَطل الْخَلَاء إِذْ لم يقم عَلَيْهِ دَلِيل وَلَا وجد قطّ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

ثمَّ نقُول لَهُم إِن كَانَ خَارج الْفلك خلاء على قَوْلكُم فَلَا يَخْلُو من أَن يكون من جنس هَذَا الْخَلَاء الَّذِي تدعون أَنه يجتذب الْأَجْسَام بطبعه أَو يكون من غير جنسه وَلَا بُد من أحد هذَيْن الْوَجْهَيْنِ ضررة وَلَا سَبِيل إِلَى ثَالِث الْبَتَّةَ فَإِن قَالُوا هُوَ من جنسه

<<  <  ج: ص:  >  >>