للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَين الطَّرفَيْنِ أَو أحد أذينك الطَّرفَيْنِ وَإِمَّا ذَات ضد فحاملها بِالضَّرُورَةِ قَابل للأضداد فَلَا عَالم فِي الْعَالم إِلَّا وَالْجهل مِنْهُ متوهم وَلَا قَادر فِي الْعَالم إِلَّا وَالْعجز مِنْهُ متوهم وَلَا حَيّ فِي الْعَالم إِلَّا والسكون وَالْحَرَكَة والحس والحذر متوهمات كلهَا مِنْهُ وَقد علمنَا أَن الله تَعَالَى أرْحم الرَّاحِمِينَ حَقًا لَا مجَاز من أنكر هَذَا فَهُوَ كَافِر حَلَال دَمه وَمَاله وَهُوَ تَعَالَى يَبْتَلِي الْأَطْفَال بالجدري واواكل وَالْجِنّ والذبحة والأوجاع حَتَّى يموتوا وبالجوع حَتَّى يموتوا كَذَلِك ويفجع الْآبَاء بالأبناء وَكَذَلِكَ الْأُمَّهَات والأحباء بَعضهم بِبَعْض حَتَّى يهْلكُوا ثكلاً ووجداً وَكَذَلِكَ الطير بألاودها وَلَيْسَت هَذِه صفة الرَّحْمَة بَيْننَا فصح يَقِينا أَنَّهَا أَسمَاء الله تَعَالَى سمى الله تَعَالَى بهَا نَفسه غير مُشْتَقَّة من صفة مَحْمُولَة فِيهِ تَعَالَى حاشا لَهُ من ذَلِك فَإِن قَالُوا إِن الْعَالم الْقَادِر الْحَيّ الأول الرَّحِيم بِخِلَاف هَذَا قيل لَهُم صَدقْتُمْ وَهَذَا إبِْطَال مِنْكُم لاستدلالكم بِالشَّاهِدِ بَيْنكُم على تَسْمِيَة الْبَارِي وَصِفَاته

قَالَ أَبُو مُحَمَّد أما وَصفنَا الْبَارِي تَعَالَى بِأَنَّهُ الْوَاحِد الأول الْحق الْخَالِق من طَرِيق الِاسْتِدْلَال فَإِنَّهُ لَا يلْزمنَا فِي ذَلِك شَيْء مِمَّا ألزمناه خصومنا لِأَنَّهُ قد قَامَ الْبُرْهَان بِأَنَّهُ خَالق مَا سواهُ وَلَيْسَ فِي الْعَالم خَالق الْبَتَّةَ بِوَجْه من الْوُجُوه وَقد قَامَ الْبُرْهَان على أَنه تَعَالَى وَاحِد لَا وَاحِد فِي الْعَالم غَيره الْبَتَّةَ بِوَجْه من الْوُجُوه وكل مَا فِي الْعَالم فمتكثر بِاحْتِمَال الْقِسْمَة والتحري وَقد قَامَ الْبُرْهَان على أَنه تَعَالَى الأول وَالْأول فِي الْعَالم الْبَتَّةَ بِوَجْه من الْوُجُوه كل مَا فِي الْعَالم يُنَافِي الأمل وَقَامَ الْبُرْهَان بِأَنَّهُ تَعَالَى الْحق بِذَاتِهِ وَإِن كل مَا فِي الْعَالم فَإِنَّمَا هُوَ مُحَقّق لَهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَ حَقًا بالباري جلّ وَعز لولاه لم يكن حَقًا فَهَذَا هُوَ الْبُرْهَان الصَّحِيح الثَّابِت الَّذِي لَا يُعَارض ببرهان الْبَتَّةَ وَهَذَا هُوَ نفي التَّشْبِيه ثمَّ إننا ننفي عَن الْبَارِي تَعَالَى جَمِيع صِفَات الْعَالم فَنَقُول أَنه تَعَالَى لَا يجهل أصلا وَلَا يغْفل الْبَتَّةَ وَلَا يسهو وَلَا ينَام وَلَا يحس وَلَا يخفى عَلَيْهِ متوهم وَلَا يعجز عَن مسئول عَنهُ لأننا قد بَينا فِيمَا خلا من كتَابنَا هَذَا إِن الله تَعَالَى بِخِلَاف خلقه من كل وَجه فَإذْ ذَلِك كَذَلِك فَوَاجِب نفي كل مَا يُوصف بِهِ شَيْء مِمَّا فِي الْعَالم عَنهُ تَعَالَى على الْعُمُوم وَأما إِثْبَات الْوَصْف أَو التَّسْمِيَة لَهُ تَعَالَى فَلَا يجوز إِلَّا بِنَصّ ونخبر عَنهُ تَعَالَى بأفعاله عز وَجل فَنَقُول أَنه تَعَالَى مُحي الْمَوْتَى ومميت الْأَحْيَاء إِلَّا أَن لَا يثبت إِجْمَاع فِي إِبَاحَة شَيْء من ذَلِك وَلَوْلَا الْإِجْمَاع على إِبَاحَة إِطْلَاق بعض ذَلِك هَا هُنَا لما أجزناه ونقول أَنه تَعَالَى بِكُل شَيْء عليم لم يزل كَذَلِك وَالْمعْنَى فِي هَذَا أَنه لم يزل يعلم أَنه سيخلق الْأَشْيَاء على حسب هَيْئَة كل مَخْلُوق مِنْهَا لَا على أَن الْأَشْيَاء لم تزل مَوْجُودَة فِي علمه معَاذ الله من هَذَا وَلَكِن نقُول لم يزل تَعَالَى يعلم أَنه سيحدث كل مَا يكون شَيْئا إِذا أحدثه على مَا يكون عَلَيْهِ إِذا كَانَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

قَالَ أَبُو مُحَمَّد ونجمع إِن شَاءَ الله تَعَالَى هَا هُنَا بَيَان الرَّد على من أقدم أَن يُسمى الله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>