للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالرُّجُوع عِنْد الِاخْتِلَاف إِنَّمَا هُوَ إِلَى الْقُرْآن وَكَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تَعَالَى {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} فَفَعَلْنَا فَوَجَدنَا الله تَعَالَى يَقُول {وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} وَالْمَفْعُول مَخْلُوق بِلَا خلاف وَقَالَ تَعَالَى {وَالله غَالب على أمره} وَبلا شكّ فِي أَن المغلوب عَلَيْهِ مَخْلُوق وَأَنه غير الْغَالِب عَلَيْهِ وَقَالَ تَعَالَى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} وَهَذَا بَيَان جلي لَا إِشْكَال فِيهِ على أَن الْأَمر مُحدث وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله يحدث من أمره مَا شَاءَ فصح بِيَقِين أَن أَمر الله تَعَالَى مُحدث مَخْلُوق وَقَالَ الأشعرية لم يزل الله تَعَالَى آمُر الْكل من أمره بِمَا يَأْمُرهُ بِهِ إِذا وجد

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا بَاطِل مُتَيَقن لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ الله تَعَالَى لم يزل آمراً لنا بِالصَّلَاةِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس لم يزل آمرنا بِأَن لَا نصلي إِلَى بَيت الْمُقَدّس لَكِن إِلَى الْكَعْبَة فَيكون آمُر بِالْفِعْلِ للشَّيْء وَالتّرْك لَهُ مَعًا وَهَذَا تَخْلِيط جلّ الله تَعَالَى عَنهُ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يلْزمهُم فِي نهي الله تَعَالَى عَمَّا نهى عَنهُ أَنه لم يزل لِأَنَّهُ لَا فرق بَين أمره تَعَالَى وَبَين نَهْيه فَإِن قَالُوا بل نَهْيه مُحدث وَأمره قديم قُلْنَا لَهُم مَا قَوْلكُم فِيمَن عكس عَلَيْكُم فَقَالَ بل نَهْيه لم يزل وَإِمَّا أمره فمحدث وكلا الْقَوْلَيْنِ تَخْلِيط وَأَيْضًا فَإِنَّهُم مقرون بِأَن الْقَدِيم لَا يتَغَيَّر وَلَا يبطل وَقد صَحَّ أمره تَعَالَى لنا بِالصَّلَاةِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ قد بَطل الْأَمر بذلك وَعدم وَانْقطع فَلَو كَانَ أمره تَعَالَى لم يزل لوَجَبَ أَن لَا يبطل وَلَا يعْدم وَهَذَا كفر مُجَرّد مِمَّن أجَازه وَإِن قَالُوا إِن أمره تَعَالَى لنا بِالصَّلَاةِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس بَاقٍ أبدا لم يسْقط وَلَا نسخ وَلَا بَطل وَلَا أَحَالهُ تَعَالَى بِأَمْر آخر كفرُوا بِلَا خلاف وَالَّذِي يدْخل على هَذَا القَوْل الْفَاسِد أَكثر من هَذَا وَقَالَ تَعَالَى {قل الرّوح من أَمر رَبِّي} فَلَو كَانَ الْأَمر غير مَخْلُوق وَلم يزل لَكَانَ الرّوح كَذَلِك لِأَنَّهُ مِنْهُ ومعاذ الله من هَذَا وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين فِي أَن أَرْوَاحهم مخلوقة وَكَيف لَا يكون كَذَلِك وَهِي معذبة فِي النَّار أَو منعمة فِي الْجنَّة وَقَالَ {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا} وَصَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عليهوسلم سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح

قَالَ أَبُو مُحَمَّد والمربوب مَخْلُوق بِلَا شكّ فَإِن اعْترض معترض بقول الله عز وَجل {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} ورام بِهَذَا إِثْبَات أَن الْخلق غير الْأَمر فَلَا حجَّة لَهُ فِي هَذَا لِأَن الله عز وَجل قَالَ {يَا أَيهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم الَّذِي خلقك فسواك فعدلك فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك} فقد فرق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذِه الْآيَة بَين الْخلق والتسوية وَالتَّعْدِيل والتصوير وَلَا خلاف فِي أَن كل هَذَا خلق مَخْلُوق وَقَالَ تَعَالَى {خَلقكُم ثمَّ رزقكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ} فعطف تَعَالَى الرزق وَالْأَمَانَة والإحياء على الْخلق بِلَفْظَة ثمَّ فَلَو كل عطف الْأَمر على الْخلق دَلِيلا على أَن الْأَمر غير الْخلق لوَجَبَ وَلَا بُد أَن يكون الرزق وَالْأَمَانَة والإحياء والتصوير كلهَا غير الْخلق وَغير

<<  <  ج: ص:  >  >>