للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالحنفية السمحة الَّتِي أَتَى بهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْد الله تَعَالَى فَبين لَهُم كَمَا نَص فِي الْقُرْآن بطلَان مَا أحدثوه من تَعْظِيم الْكَوَاكِب وعبادتها وَعبادَة الْأَوْثَان فلقي مِنْهُم مَا نَصه الله فِي كِتَابه وَكَانُوا فِي ذَلِك الزَّمَان وَبعده يسمون الحنفاء وَمِنْهُم الْيَوْم بقايا بحران وهم قَلِيل جدا فَهَذِهِ فرقة

وَيدخل من هَذِه الْفرْقَة من وَجه وَيخرج مِنْهَا من وَجه آخر النَّصَارَى فَأَما الْوَجْه الَّذِي يدْخلُونَ بِهِ فَهُوَ قَوْلهم بالتثليث وَأَن خَالق الْخلق ثَلَاثَة وَأما الْوَجْه الَّذِي يخرجُون بِهِ فَهُوَ أَن للصابئين شرائع يسندونها إِلَى هرمس وَيَقُولُونَ أَنه إِدْرِيس وَإِلَى قوم آخر يذكرُونَ أَنهم أَنْبيَاء كايلون وَيَقُولُونَ أَنه نوح عَلَيْهِ السَّلَام واسفلانيوس صَاحب الهيكل الْمَوْصُوف وعاظميون ويوداسف وَغَيرهم وَالنَّصَارَى لَا يعْرفُونَ هَؤُلَاءِ لَكِن يقرونَ بنبوة نَبِي تعرفه من بني إِسْرَائِيل وَإِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب عَلَيْهِم السَّلَام وَلَا يعْرفُونَ نبوة إِسْمَاعِيل وَصَالح وَهود وَشُعَيْب وَيُنْكِرُونَ نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى إخْوَته الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام والصابئون لَا يقرونَ بنبوة أحد مِمَّن ذكرنَا أصلا وَكَذَلِكَ الْمَجُوس لَا يعْرفُونَ إِلَّا زرادشت فَقَط

وَأما الْفرْقَة الثَّانِيَة فَإِنَّهَا تذْهب إِلَى أَن الْعَالم هُوَ مدبروه لَا غَيرهم الْبَتَّةَ وهم الديصانية والمزقونية والمانية الْقَائِلُونَ بأزلية الطبائع الْأَرْبَع بسائط غير ممتزجة ثمَّ حدث الامتزاج فَحدث الْعَالم بامتزاجها فَأَما المانية فَإِنَّهُم يَقُولُونَ أَن أصلين لم يَزَالَا وهما نور الظلمَة وَأَن النُّور والظلمة حَيَّة وَأَن كليهمَا غير متناه إِلَّا من الْجِهَة الَّتِي لَاقَى مِنْهَا الآخر وَأما من جهاته الْخمس فَغير متناه وأنهما جرمان وَثمّ لَهُم فِي وصف امتزاجهم أَشْيَاء شَبيهَة بالخرافات وهم أَصْحَاب ماني

وَقَالَ المتكلمون أَن ديصان كَانَ تلميذ ماني وَهَذَا خطأٌ بل كَانَ أقدم من ماني لِأَن ماني ذكره فِي كتبه ورد عَلَيْهِ وهما متفقان فِي كل مَا ذكرنَا إِلَّا أَن الظلمَة عِنْد ماني حَيَّة

وَقَالَ ديصان هِيَ موَات وَكَانَ ماني رَاهِبًا بحران وأحدث هَذَا الدّين وَهُوَ الَّذِي قَتله الْملك بهْرَام بن بهْرَام إِذْ ناظره بِحَضْرَتِهِ إذرباذ بن ماركسفند موبذ مو بذان فِي مَسْأَلَة قطع النَّسْل وتعجيل فرَاغ الْعَام فَقَالَ لَهُ الموبذ أَنْت الَّذِي تَقول بِتَحْرِيم النِّكَاح ليستعجل فنَاء الْعَالم وَرُجُوع كل شكل إِلَى شكله وَأَن ذَلِك حق وَاجِب فَقَالَ لَهُ ماني وَاجِب أَن يعان النُّور على خلاصه بِقطع النَّسْل مِمَّا هُوَ فِيهِ من الامتزاج فَقَالَ لَهُ أذر باذ فَمن الْحق الْوَاجِب أَن يعجل لَك هَذَا الْخَلَاص الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ وتعان على إبِْطَال هَذَا الامتزاج المذموم فَانْقَطع ماني فَأمر بهْرَام بقتل ماني فَقتل هُوَ وَجَمَاعَة

<<  <  ج: ص:  >  >>