للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُوَ أَنا حققنا أَن الله تَعَالَى قَادر على أَن يخلق لذَلِك اللَّفْظ معنى يوجده وَهَذَا جَوَاب صَحِيح مَعْقُول وَهَذَا قَوْلنَا وَلَيْسَ إِلَّا هَذَا القَوْل وَقَول على الأسواري الَّذِي يَقُول أَن الله تَعَالَى لَا يقدر على غير مَا علم أَنه يَفْعَله جمله وَأما من خَالَفنَا وَخَالف الأسواري فَلَا بُد لَهُ من الرُّجُوع إِلَى قَوْلنَا أَو الْوُقُوع فِي قَول الأسواري وَإِن زعم لِأَنَّهُ مَتى مَا وصف الله تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ على شَيْء لم يَفْعَله من إِبْرَاء مَرِيض أَو خلق شَيْء أَو تَحْرِيك شَيْء سَاكن فَإِنَّهُ قدر وَصفه بِالْقُدْرَةِ على إِحَالَة علمه وَتَكْذيب حكمه وَهَذَا هُوَ الْمحَال فقد قَالَ بقولنَا وَلَا بُد أَو يَقُول الأسواري وَلَا بُد وأمل كل سُؤال أدّى إِلَى القَوْل فِي ذَاته عز وَجل فإننا نقُول ن كل مَا سَأَلَ عَنهُ سَائل لَا نحاشي شَيْئا فَإِن الله تَعَالَى قَادر عَلَيْهِ غير عَاجز عَنهُ إِلَّا أَن من السؤالات سُؤَالَات لَا يسْتَحل سماعهَا وَلَا يسْتَحل النُّطْق بهَا وَلَا يحل الْجُلُوس حَيْثُ يلفظ بهَا وَهِي كل مَا فِيهَا كفر بالباري تَعَالَى واستخفاف بِهِ أَو بِنَبِي من أنبيائه أَو بِملك من مَلَائكَته أَو بِآيَة من آيَاته عز وَجل قَالَ عز وَجل {إِذا سَمِعْتُمْ آيَات الله يكفر بهَا ويستهزأ بهَا فَلَا تقعدوا مَعَهم حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره إِنَّكُم إِذا مثلهم} وَقَالَ عز وَجل {قل أبالله وآياته وَرَسُوله كُنْتُم تستهزؤون لَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ بعد إيمَانكُمْ}

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَلَو أَن سَائِلًا سالنا هَل الله قَادر على أَن يمسخ هَذَا الْكَافِر قردا وكلبا لقلنا نعم وَلَو أَنه أَرَادَ أَن يسألنا هَذَا السُّؤَال فِيمَن يلْزمنَا تعظيه من ملك أَو نَبِي أَو صَاحب نَبِي أَو مُسلم فَاضل لم يحل لنا الِاسْتِمَاع إِلَيْهِ وَلَكنَّا قد أجبناه جَوَابا كَافِيا لِأَن الله تَعَالَى قَادر على كل مَا يسْأَل عَنهُ لَا نحاشي شَيْئا فَمن تَمَادى بعد هَذَا الْجَواب الْكَافِي فَإِنَّمَا غَرَضه التشنيع فَقَط والتمويه وَهَذَانِ من دَلَائِل الْعَجز عَن المناظرة والانقطاع وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالنَّاس فِي هَذَا الْبَاب على أَقسَام فمبدؤها قَول من قَالَ لَا يُوصف الله تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ على غير مَا يفعل وَهُوَ قَول على الأسواري أحد شُيُوخ الْمُعْتَزلَة وَاعْلَمُوا أَنه لَا بُد لكل من منع من أَن يقدر الله تَعَالَى على محَال أَو على شَيْء بِمَا يسال عَنهُ السَّائِل فَلَا بُد ضَرُورَة من الْمصير إِلَى هَذَا القَوْل أَو ظُهُور تناقضه وتفاسد قَوْله وَخُرُوجه إِلَى الْمحَال البحت الَّذِي فر عَنهُ بِزَعْمِهِ على مَا نبينه بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد قَالَت طَائِفَة بِمَعْنى هَذَا القَوْل إِلَّا أَنَّهَا استشنعت عبارَة الأسواري فَقَالَت إِن الله تَعَالَى قَادر على كل شَيْء وَلَكِن إِن سَأَلنَا سَائل فَقَالَ أيقدر الله تعاى على أَمر كَذَا مَعَ تقدم علمه بِأَنَّهُ لَا يكون قَالُوا فَالْجَوَاب أَنه تَعَالَى لَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ على ذَلِك

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا لإخفاء لأَنهم أوجبوا قدرته وأعدموها على شَيْء وَاحِد وَهُوَ الْبَاطِل بِلَا خَفَاء وَقَالَت طَائِفَة إِن الله تَعَالَى قَادر على غير مَا فعل إِلَّا أَنه لَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ على أصلح مِمَّا فعل بعباده وَهُوَ قَول جُمْهُور الْمُعْتَزلَة وَقَالَت طَائِفَة إِن الله تَعَالَى قَادر على غير مَا فعل إِلَّا أَنه لَا يقدر على الظُّلم وَلَا على الْجور وَلَا على اتِّخَاذ الْوَلَد وَلَا على إِظْهَار معْجزَة على يَد كَذَّاب وَلَا على شَيْء من الْمحَال وَلَا على نسخ التَّوْحِيد وَهَذَا قَول النظام وَأَصْحَابه والأشعرية وَإِن كَانُوا مُخْتَلفين فِي مائية الظُّلم وَقَالَت طَائِفَة أَن الله تَعَالَى قَادر على غير مَا فعل وعَلى الْجور وَالظُّلم وَالْكذب إِلَّا أَنه لَا يقدر على الْمحَال مثل أَن يَجْعَل الشَّيْء

<<  <  ج: ص:  >  >>