للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقُول قصّ الله علينا أَخْبَار الْأُمَم فِي الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص بِمَا أَوْحَينَا إِلَيْك هَذَا الْقُرْآن} ونقول سمعنَا كَلَام الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن على التَّحْقِيق لَا مجَازًا وَفضل علينا الْمَلَائِكَة والأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام فِي هَذَا بِالْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ تكليمهم بِالْوَحْي إِلَيْهِم فِي النّوم واليقظة دون وسيطة وبتوسط الْملك أَيْضا وَفضل جَمِيع الْمَلَائِكَة وَبَعض الرُّسُل على جَمِيعهم عَلَيْهِم السَّلَام بِالْوَجْهِ الثَّالِث الَّذِي هُوَ تكليم فِي الْيَقَظَة من وَرَاء حجاب دون وسيطة ملك لَكِن بِكَلَام مسموع بالآذان مَعْلُوم بِالْقَلْبِ زَائِد على الْوَحْي الَّذِي هُوَ مَعْلُوم بِالْقَلْبِ فَقَط أَو مسموع من الْملك عَن الله تَعَالَى وَهَذَا هُوَ الْوَجْه الَّذِي خص بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من الشَّجَرَة وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْإِسْرَاء من المستوى الَّذِي سمع فِيهِ صريف الإفلام وَسَائِر من كلم الله تَعَالَى كَذَلِك من النَّبِيين وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام قَالَ تَعَالَى {تِلْكَ الرُّسُل فضلنَا بَعضهم على بعض مِنْهُم من كلم الله وَرفع بَعضهم دَرَجَات} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل} وَلَا يجوز أَن يكون شَيْء من هَذَا بِصَوْت أصلا لِأَنَّهُ كَانَ يكون حِينَئِذٍ يُفِيد بوسيطة مُكَلم غير الله تَعَالَى وَكَانَ ذَلِك الصَّوْت بِمَنْزِلَة الرَّعْد الْحَادِث فِي الجو والقرع الْحَادِث فِي الْأَجْسَام وَالْوَحي أَعلَى من هَذِه منزلَة والتكليم من وَرَاء حجاب أَعلَى من سَائِر الْوَحْي بِنَصّ الْقُرْآن لِأَن الله تَعَالَى سمى ذَلِك تَفْضِيلًا كَمَا تلونا وكل مَا ذكرنَا وَأَن كَانَ يُسمى تكليماً فالتكليم الْمُطلق أَعلَى فِي الْفَضِيلَة من التكليم الْموصل كَمَا أَن كل روح فَهُوَ روح الله تَعَالَى على الْملك لَكِن إِذا قُلْنَا روح الله على الْإِطْلَاق يَعْنِي بذلك جِبْرِيل أَو عِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام كَانَ ذَلِك فَضِيلَة عَظِيمَة لَهما

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَإِذا قَرَأنَا الْقُرْآن قُلْنَا كلامنا هَذَا هُوَ كَلَام الله تَعَالَى حَقِيقَة لَا مجَازًا وَلَا يحل حِينَئِذٍ لأحد أَن يَقُول لَيْسَ كَلَامي هَذَا كَلَام الله تَعَالَى وَقد أنكر الله عز وَجل هَذَا على من قَالَه إِذْ يَقُول تَعَالَى {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا أَنه فكر وَقدر فَقتل كَيفَ قدر} إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَقَالَ إِن هَذَا إِلَّا سحر يُؤثر أَن هَذَا إِلَّا قَول الْبشر سأصليه سقر}

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَكَذَلِكَ يَقُول أَحَدنَا ديني دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا عمل عملا أوجبته سنة قَالَ عَمَلي هَذَا عمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يحل لأحد من الْمُسلمين أَن يَقُول ديني غير دين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو قَالَ ذَلِك لوَجَبَ قَتله بِالرّدَّةِ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَن يَقُول إِذا عمل عملا جَاءَت بِهِ السّنة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا غير عمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو قَالَه لأدب ولكان كَاذِبًا وَكَذَلِكَ يَقُول أَحَدنَا ديني هُوَ دين الله عز وَجل يُرِيد الَّذِي أَمر بِهِ عز وَجل وَلَو قَالَ ديني غير دين الله عز وَجل لوَجَبَ قَتله بِالرّدَّةِ وَكَذَلِكَ يَقُول إِذا حدث أَحَدنَا حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَحِيحا كَلَام هَذَا هُوَ نفس كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو قَالَ إِن كَلَامي هَذَا هُوَ غير كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكَانَ كَاذِبًا وَهَذِه أَسمَاء وأوجبتها مِلَّة الله عز وَجل وَأجْمع عَلَيْهَا أهل الْإِسْلَام وَلم يخف علينا وَلَا على من سلف من الْمُسلمين أَن حَرَكَة لِسَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير حَرَكَة ألسنتنا وَكَذَلِكَ حَرَكَة أجسامنا فِي الْعَمَل وَكَذَلِكَ مَا تُوصَف بِهِ النُّفُوس من الْعلم وَلَكِن التَّسْمِيَة فِي الشَّرِيعَة لَيست إِلَيْنَا إِنَّمَا هِيَ لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن خَالف هَذَا كَانَ كمن قَالَ فِرْعَوْن وَأَبُو جهل

<<  <  ج: ص:  >  >>