للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَرَب فَقَط فَبَطل هَذَا الشغب الغث وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأما ذكرهم {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} وَمَا كَانَ نَحْوهَا من الْآيَات فَلَا حجَّة لَهُم فِيهَا وَيُقَال لَهُم إِن كَانَ كَمَا تَقولُونَ ومعاذ الله من ذَلِك فَإِنَّمَا المعجز مِنْهُ على قَوْلكُم هَذِه الْآيَات خَاصَّة وَأما سائره فَلَا وَهَذَا كفر لَا يَقُوله مُسلم فَإِن قَالُوا جَمِيع الْقُرْآن مثل هَذَا الْآيَات فِي الإعجاز قيل لَهُم فَلم خصصتم بِالذكر هَذِه الْآيَات دون غَيرهَا إِذا وَهل هَذَا مِنْكُم إِلَّا إِيهَام لأهل الْجَهْل أَن من الْقُرْآن معجزاً وَغير معجز ثمَّ نقُول لَهُم قَول الله تَعَالَى {وأوحينا إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط وَعِيسَى وَأَيوب وَيُونُس وَهَارُون وَسليمَان وآتينا دَاوُد زبورا} أمعجزا هُوَ على شروطكم فِي كَونه فِي أَعلَى درج البلاغة أم لَيْسَ معجزاً فَإِن قَالُوا لَيْسَ معجزاً كفرُوا وَإِن قَالُوا أَنه معجز صدقُوا وسئلوا هَل على شروطكم فِي أَعلَى درج البلاغة فَإِن قَالُوا نعم كابروا وَكفوا مؤنتهم لِأَنَّهَا أَسمَاء رجال فَقَط لَيْسَ على شروطهم فِي البلاغة وَأَيْضًا فَلَو كَانَ إعجاز الْقُرْآن لِأَنَّهُ فِي أَعلَى درج البلاغة لَكَانَ بِمَنْزِلَة كَلَام الْحسن وَسَهل بن هَارُون والجاحظ وَشعر أمرئ الْقَيْس ومعاذ الله من هَذَا لِأَن كل مَا يسْبق فِي طبقته لم يُؤمن أَن يَأْتِي من يماثله ضَرُورَة فَلَا بُد لَهُم من هَذِه الخطة أَو من الْمصير إِلَى قَوْلنَا أَن الله تَعَالَى منع من معارضته فَقَط وَأَيْضًا فَلَو كَانَ إعجازه من أَنه فِي أَعلَى درج البلاغة الْمَعْهُودَة لوَجَبَ أَن يكون ذَلِك الْآيَة وَلما هُوَ أقل من آيَة وَهَذَا ينْقض قَوْلهم أَن المعجز مِنْهُ ثَلَاث آيَات لَا أقل فَإِن قَالُوا فَقولُوا أَنْتُم هَل الْقُرْآن مَوْصُوف بِأَنَّهُ فِي أَعلَى درج البلاغة أم لَا قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن كُنْتُم تُرِيدُونَ أَن الله قد بلغ بِهِ مَا أَرَادَ فَنعم هُوَ فِي هَذَا الْمَعْنى فِي الْغَايَة الَّتِي لَا شَيْء أبلغ مِنْهَا وَإِن كُنْتُم تُرِيدُونَ هَل هُوَ فِي أَعلَى درج البلاغة فِي كَلَام المخلوقين فَلَا لِأَنَّهُ لَيْسَ من نوع كَلَام المخلوقين لَا من أَعْلَاهُ وَلَا من أدناه وَلَا من أوسطه وبرهان هَذَا أَن إنْسَانا لَو أَدخل فِي رِسَالَة لَهُ أَو خطْبَة أَو تأليف أَو موعظة حُرُوف الهجاء الْمُقطعَة لَكَانَ خَارِجا عَن البلاغة الْمَعْهُودَة جملَة بِلَا شكّ فصح أَنه لَيْسَ من نوع بلاغة النَّاس أصلا وَأَن الله تَعَالَى منع الْخلق من مثله وكساه الإعجاز وسلبه جَمِيع كَلَام الْخلق برهَان ذَلِك أَن الله حكى عَن قوم من أهل النَّار أَنهم يَقُولُونَ إِذا سئلوا عَن سَبَب دُخُولهمْ النَّار {لم نك من الْمُصَلِّين وَلم نك نطعم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين} وَحكى تَعَالَى عَن كَافِر قَالَ {إِن هَذَا إِلَّا سحر يُؤثر أَن هَذَا إِلَّا قَول الْبشر} وَحكى عَن آخَرين أَنهم قَالُوا {لن نؤمن لَك حَتَّى تفجر لنا من الأَرْض ينبوعاً أَو تكون لَك جنَّة من نخيل وعنب فتفجر الْأَنْهَار خلالها تفجيراً أَو تسْقط السَّمَاء كَمَا زعمت علينا كسفاً أَو تَأتي بِاللَّه وَالْمَلَائِكَة قبيلاًً أَو يكون لَك بَيت من زخرف أَو ترقي فِي السَّمَاء وَلنْ نؤمن لرقيك حَتَّى تنزل علينا كتابا نقرؤه} فَكَانَ هَذَا كُله إِذْ قَالَه غير الله عز وَجل غير معجز بِلَا خلاف إِذْ لم يقل أحد من أهل الْإِسْلَام أَن كَلَام غير الله تَعَالَى معجز لَكِن لما قَالَه الله تَعَالَى وَجعله كلَاما لَهُ أصاره معجزاً وَمنع من مماثلته وَهَذَا برهَان كافٍ لَا يحْتَاج إِلَى غَيره وَالْحَمْد لله

والنحو الْخَامِس مَا مِقْدَار المعجز مِنْهُ فَقَالَت الأشعرية وَمن وافقهم أَن المعجز إِنَّمَا هُوَ مِقْدَار أقل سُورَة مِنْهُ وَهُوَ إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر فَصَاعِدا وَإِن مَا دون ذَلِك لَيْسَ معجزاً وَاحْتَجُّوا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>