قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَمن النُّصُوص القاطعة فِي هَذَا قَول الله تَعَالَى {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} فلجأ بَعضهم إِلَى دَعْوَى الْخُصُوص وَذكروا قَول الله تَعَالَى {تدمر كل شَيْء بِأَمْر رَبهَا فاصبحوا لَا يرى إِلَّا مساكنهم} وَقَوله تَعَالَى {وَأُوتِيت من كل شَيْء} وَقَوله {فتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء حَتَّى إِذا فرحوا بِمَا أُوتُوا}
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وكل هَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَن قَوْله تَعَالَى {تدمر كل شَيْء بِأَمْر رَبهَا} بَيَان جلي على أَنَّهَا إِنَّمَا دمرت كل شَيْء أمرهَا الله تَعَالَى بتدميره لَا مَا لم يأمرها فَهُوَ عُمُوم لكل شَيْء أمرهَا بِهِ وَقَوله تَعَالَى {وَأُوتِيت من كل شَيْء} فَمن للتَّبْعِيض فَمن آتَاهُ الله شَيْئا من الْأَشْيَاء فقد آتَاهُ من كل شَيْء لِأَنَّهُ قد آتَاهُ بعض الْأَشْيَاء وَأما قَوْله تَعَالَى ففتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء فَحق وَنحن لاندري كَيْفيَّة ذَلِك الْفَتْح إِلَّا أننا نَدْرِي أَن الله تَعَالَى صدق فِيمَا قَالَ وَأَنه تَعَالَى إِنَّمَا آتَاهُم بعض الْأَشْيَاء الَّتِي فتح عَلَيْهِم أَبْوَابهَا ثمَّ لَو صَحَّ برهَان فِي بعض هَذَا الْعُمُوم أَنه لَيْسَ على ظَاهره وَإِنَّمَا أُرِيد بِهِ الْخُصُوص لما وَجب من ذَلِك أَن يحمل كل عُمُوم على خلاف ظَاهره بل كل عُمُوم فعلى ظَاهره حَتَّى يقوم برهَان بِأَنَّهُ مَخْصُوص أَو أَنه مَنْسُوخ فَيُوقف عِنْده وَلَا يتَعَدَّى بالتخصيص وبالنسخ إِلَى مَا لم يقم برهَان بِأَنَّهُ مَنْسُوخ أَو مَخْصُوص وَلَو كَانَ غير هَذَا لما صحت