للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يلْزم لأننا لم نقل كل عرض فَوَاجِب أَن يحمل أبدا لكننا نقُول أَن من الْأَعْرَاض مَا يحمل الْأَعْرَاض كَالَّذي ذكرنَا وَمِنْهَا مَا لايحمل الْأَعْرَاض وكل ذَلِك جَار على مَا رتبه الله عز وَجل وعَلى مَا خلقه وكل ذَلِك لَهُ نِهَايَة تقف عِنْدهَا وَلَا يزِيد وَنحن إِذا وجد فِيمَا بَيْننَا جسم يزِيد على جسم آخر زِيَادَة مَا فِي طوله أَو عرضه فَلَيْسَ يجب من ذَلِك أَن الزِّيَادَة مَوْجُودَة إِلَى مَالا نِهَايَة لَهُ لَكِن تَنْتَهِي الزِّيَادَة إِلَى حَيْثُ رتبها الله عز وَجل وتقف وَإِنَّمَا الْعلم كُله معرفَة الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فَقَط ونقول لَهُم أتخالف حمرَة التفاحة حمرَة الخوخة أم لَا فَلَا بُد لَهُم من أَن يَقُولُوا بِأَنَّهَا قد تخالفها فِي صفة مَا إِلَّا ان ينكروا العيان فَنَقُول لَهُم أتخالف الْحمرَة والصفرة أم لَا فَلَا بُد أَيْضا من نعم فَنَقُول لَهُم أخلاف الْحمرَة للحمرة هُوَ خلاف الْحمرَة للصفرة أم لَا فَلَا بُد من لَا وَلَو قَالُوا نعم للزمهم أَن الصُّفْرَة هِيَ الْحمرَة إِذْ كَانَت الصُّفْرَة لَا تخالفها الْحمرَة إِلَّا بِمَا تخَالف فِيهِ الْحمرَة الْحمرَة الْأُخْرَى والخضرة فَإِذا فِي الْحمرَة والصفرة صفتان بهما يَخْتَلِفَانِ غير الصّفة الَّتِي بهَا تخَالف الْحمرَة الْحمرَة الْأُخْرَى والخضرة فقد صَحَّ يَقِينا أَن الصّفة قد تحمل الصّفة وَأَن الْعرض قد يحمل الْعرض بضرورة الْمُشَاهدَة على حسب مَا رتبه الله تَعَالَى وكل ذَلِك ذُو نِهَايَة وَلَا بُد وَتَحْقِيق الْكَلَام فِي هَذِه الْمعَانِي وتناهيها هُوَ أَن الْعَالم كُله جَوْهَر حَامِل وَعرض مَحْمُول وَلَا مزِيد والجوهر أَجنَاس وأنواع وَالْعرض أَجنَاس وأنواع والأجناس محصورة ببراهين قد ذَكرنَاهَا فِي كتاب التَّقْرِيب عمدتها أَن الْأَجْنَاس أقل عددا من الْأَنْوَاع المنقسمة تحتهَا بِلَا شكّ والأنواع أَكثر عددا من الْأَجْنَاس إِذْ لَا بُد من ان يكون تَحت كل جنس نَوْعَانِ أَو أَكثر من نَوْعَيْنِ وَالْكَثْرَة والقلة لَا يقعان ضَرُورَة إِلَّا فِي ذِي نِهَايَة من مبدئه ومنتهاه لِأَن مَا لَا نِهَايَة لَهُ فَلَا يُمكن أَن يكون شَيْء أَكثر مِنْهُ وَلَا أقل مِنْهُ وَلَا مُسَاوِيا لَهُ لِأَن هَذَا يُوجب النِّهَايَة وَلَا بُد فالعالم إِذا ذُو نِهَايَة لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْئا غير الْأَجْنَاس والأنواع الَّتِي للجواهر والأعراض فَقَط والمعاني إِنَّمَا هِيَ للأشياء الْمعبر عَنْهَا بالألفاظ فَقَط فَإذْ هَذَا كَمَا ذكرنَا فَإِنَّمَا نقيس الْأَشْيَاء بصفاتها الَّتِي تقوم مِنْهَا حُدُودهَا مثل أَن نقُول مَا الْإِنْسَان فَنَقُول جسم ملون وَنَفس فِيهِ تمكن أَن تكون متصرفة فِي الْعُلُوم والصناعات يقبل الْحَيَاة وَالْمَوْت فَيُقَال مَا الْجِسْم وَمَا النَّفس وَمَا اللَّوْن وَمَا الصناعات وَمَا الْعُلُوم وَمَا الْحَيَاة وَمَا الْمَوْت فَإِذا فسرت جَمِيع هَذِه الْأَلْفَاظ ورسمت كل مَا يَقع عَلَيْهِ وَفعلت كَذَلِك فِي جَمِيع الْأَجْنَاس والأنواع فقد انْتَهَت الْمعَانِي وانقطعت وَلَا سَبِيل إِلَى التَّمَادِي بِلَا نِهَايَة أصلا لِأَن كل مَا ينطبق بِهِ أَو يعقل فَإِنَّهُ لَا يعدو الْأَجْنَاس والأنواع الْبَتَّةَ والأنواع والأجناس محصورة كَمَا بَينا وكل مَا خرج من الْأَشْخَاص إِلَى حد الْفِعْل فقد حصره الْعدَد لِأَنَّهُ ذُو مبدأ وكل مَا حصره الْعدَد فمتناه ضَرُورَة فَجَمِيع الْمعَانِي من الْأَعْرَاض وَغَيرهَا محصورة بِمَا ذكرنَا من الْبُرْهَان الصَّحِيح الَّذِي ذكرنَا أَن كل مَا فِي الْعَالم مِمَّا خرج إِلَى الْوُجُود فِي الدَّهْر مذ كَانَ الْعَالم من جنس أَو عرض فَهُوَ كُله مَحْصُور عدده متناه أمده ذُو غَايَة فِي ذَاته فِي مبدئه ومنتهاه وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَقد نعجز نَحن عَن عد شُعُور أجسامنا ونوقن أَنَّهَا ذَات عدد متناه بِلَا شكّ فَلَيْسَ قُصُور قَوْلنَا عَن إحصاء عدد مَا فِي الْعَالم بمعترض على وجوب وجود النِّهَايَة فِي جَمِيع أشخاص جواهره وأعراضه وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأما قَوْلهم إِذا كَانَ فعلنَا خلقا لله عز وَجل ثمَّ عذبنا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا عذبنا على خلقه فَالْجَوَاب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن هَذَا لَا يلْزم وَلَو لزمنا للزمهم إِذا كَانَ تَعَالَى يعذبنا على إرادتنا

<<  <  ج: ص:  >  >>