لم يكن فِيهِ قبل ذَلِك فقد ثبتَتْ النِّهَايَة لَهُ ضَرُورَة لِأَن وجوده غير كَائِن فِي الْمَكَان الَّذِي انْتقل إِلَيْهِ مُوجب لانقطاعه قبله وَإِن كَانَ لم يزل فِي الْمَكَان الَّذِي انْتقل إِلَيْهِ وَهَكَذَا فِيمَا بعده من الْأَمْكِنَة فَلم يزل غير منتقل وَقد قُلْتُمْ أَنه لم يزل منتقلاً فَهُوَ إِذن متحرك لَا متحرك وَهَذَا محَال
وَإِن قُلْتُمْ سَاكن قُلْنَا لكم اقْطَعُوا من هَذَا الجرم قِطْعَة بالوهم فَإِذا توهموا ذَلِك سألناهم مَتى كَانَ هَذَا الجرم أعظم أقبل أَن تقطع مِنْهُ هَذِه الْقطعَة أَو بعد أَن قطعت فأياما قَالُوا أَو إِن قَالُوا أَنه مساوؤ لنَفسِهِ قبل أَن تقطع مِنْهُ هَذِه الْقطعَة فقد أثبتوا النِّهَايَة إِذْ لَا تقع الْكَثْرَة والقلة والتساوي إِلَّا فِي ذِي نِهَايَة
وَأَيْضًا فَإِن الْمَكَان والجرم مِمَّا يَقع تَحت الْعدَد كوقوع الزَّمَان تَحت الْعدَد فَكل مَا أدخلْنَاهُ فِيمَا خلا من تناهي الزَّمَان من طَرِيق الْعدَد فَهُوَ لَازم فِي تناهي الْمَكَان والجرم من طَرِيق الْعدَد بالمساحة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وكل مَا ألزمناه من يَقُول بِأَن الْأَجْسَام لم تزل فَهُوَ لَازم بِعَيْنِه لمن يَقُول أَن السَّبْعَة كواكب والاثني عشر برجاً لم تزل لِأَنَّهَا أجسام جَارِيَة تَحت أَقسَام الْفلك وحركته فَانْظُر هُنَالك مَا ألزمناه من حُدُوث الْأَجْسَام وأزمانها فَهُوَ لَازم لهَؤُلَاء وَتَركنَا مَا ألزمناه فِي حُدُوث الْأَجْسَام فِي فروع أَقْوَالهم كَقَوْلِهِم فِي المزاج والخلاص وصفات النُّور والظلمة إِذا إِنَّمَا قصدنا اجتثاث أصُول الْمذَاهب الْفَاسِدَة فِي أَن الْفَاعِل أَكثر من وَاحِد واعتمدنا الْبَيَان فِي إِثْبَات الْوَاحِد فَقَط فَإذْ قد ثَبت ذَلِك ببراهين ضَرُورِيَّة بَطل كل مَا عرفوه من هَذَا الأَصْل الْفَاسِد إِنَّمَا قصدنا مَا تدفع إِلَيْهِ الضَّرُورَة من الِاسْتِيعَاب لما لَا بُد مِنْهُ بإيجاز بحول الله تَعَالَى وقوته وَأما من جعل الْفَاعِل أَكثر من وَاحِد إِلَّا أَنهم جعلوهم غير الْعَالم كالمجوس وَالصَّابِئِينَ والمزقزنية وَمن قَالَ بالتثليث من الناري فَإِنَّهُ يدْخل عَلَيْهِم من الدَّلَائِل الضرورية بحول الله وقوته مَا نَحن موردوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَيَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن مَا كَانَ أَكثر من وَاحِد فَهُوَ وَاقع تَحت جنس الْعدَد وَمَا كَانَ وَاقعا تَحت جنس الْعدَد فَهُوَ نوع من أَنْوَاع الْعدَد وَمَا كَانَ نوعا فَهُوَ مركب من جنسه الْعَام وَلغيره وَمن فصل خصّه لَيْسَ فِي غَيره فَلهُ مَوضِع وَهُوَ الجلس الْمُقَابل لصورته وَصُورَة غَيره من أَنْوَاع ذَلِك الْجِنْس وَله مَحْمُول وَهُوَ الصُّورَة الَّتِي خصته دون غَيره فَهُوَ ذُو مَوْضُوع وَذُو مَحْمُول فَهُوَ مركب من جنسه وفصله والمركب مَعَ الْمركب من بَاب الْمُضَاف الَّذِي لَا بُد لكل وَاحِد مِنْهُمَا من الآخر فَأَما الْمركب فَإِنَّمَا يَقْتَضِي وجود الْمركب من وَقت تركبه وَحِينَئِذٍ يُسمى مركبا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute