للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهِ وَلَا مزِيد وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَقَالَ بعض الْمُعْتَزلَة أَن من الْقَبِيح بِكُل حَال والمحظور فِي الْعقل بِكُل وَجه كفر نعْمَة الْمُنعم وعقوق الْأَب

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا غَايَة الْخَطَأ لِأَن الْعَاقِل الْمُمَيز بالأمور إِذا تدبرها علم يَقِينا أَنه لَا منعم على أحد إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الَّذِي أوجده من عدم ثمَّ جعل لَهُ الْحَواس والتمييز وسخر لَهُ مَا فِي الأَرْض وَكَثِيرًا مِمَّا فِي السَّمَاء وخوله المَال وَإِن كل منعم دون الله عز وَجل فَإِن كَانَ منعماً بِمَال فَإِنَّمَا أعْطى من مَال الله عز وَجل فالنعمة لله عز وَجل دونه وَإِن كَانَ ممرضاً أَو معتقاً أَو خَائفًا من مَكْرُوه فَإِنَّمَا صرف فِي ذَلِك كلما وهبه الله عز وَجل من الْكَلَام وَالْقُوَّة والحواس والأعضاء وَإِنَّمَا تصرف بِكُل ذَلِك فِي ملك الله عز وَجل وَفِيمَا هُوَ تَعَالَى أولى بِهِ مِنْهُ فالنعمة لله عز وَجل دونه فَالله تَعَالَى هُوَ ولي كل نعْمَة فَإذْ لَا شكّ فِي ذَلِك فَلَا منعم إِلَّا من سَمَّاهُ الله تَعَالَى منعماً وَلَا يجب شكر منعم إِلَّا بعد أَن يُوجب الله تَعَالَى شكره فَحِينَئِذٍ يجب وَإِلَّا فَلَا وَيكون حِينَئِذٍ من لم يشكره عَاصِيا فَاسِقًا أَتَى كَبِيرَة لخلاف أمرالله تَعَالَى بذلك فَقَط وَلَا فرق بَين تولدنا من مني أبوينا وَبَين تولدنا من التُّرَاب وَالْأَرْض وَلَا خلاف فِي أَنه لَا يلْزمنَا بر التُّرَاب وَلَا لَهُ علينا حق لَيْسَ ذَلِك إِلَّا لِأَن الله تَعَالَى لم يَجْعَل لَهُ علينا حَقًا وَقد يرضع الصَّغِير شَاة فَلَا يجب لَهَا عَلَيْهِ حق لِأَن الله تَعَالَى لم يَجعله لَهَا وَجعله لِلْأَبَوَيْنِ وَإِن كَانَا كَافِرين مجنونين وَلم يتوليا تربيتنا بل اشتغلا عَنَّا بلذاتهما لَيْسَ هَهُنَا إِلَّا أَمر الله تَعَالَى فَقَط وبرهان آخر أَن امْرأ لَو زنى بِامْرَأَة عَالما بِتَحْرِيم ذَلِك أَو غير ذَلِك عَالم إِلَّا أَنه مِمَّن لَا يلْحق بِهِ الْوَلَد الْمَخْلُوق من نطفته النَّازِلَة من ذَلِك الْوَطْء فَإِن بره لَا يلْزم ذَلِك الْوَلَد أصلا وَيلْزمهُ بر أمه لَان الله تَعَالَى أمره بذلك لَهَا وَلم يَأْمُرهُ بذلك فِي الَّذِي تولد من نطفته فَقَط وَلَا فرق فِي الْعقل بَين الرجل وَالْمَرْأَة فِي ذَلِك وَلَا فرق فِي الْمَعْقُول وَفِي الْولادَة تولد الْجَنِين من نُطْفَة الْوَاطِئ لأمه بَين أَوْلَاد الزِّنَا وَأَوْلَاد الرشدة لَكِن لما ألزم الله تَعَالَى أَوْلَاد الرشدة المتولدين عَن عقد نِكَاح أَو ملك يَمِين فاسدين أَو صَحِيحَيْنِ برآماتهم وشكرهم وَجعل عقوقهم من الْكَبَائِر لزمنا ذَلِك وَلما لم يلْزم ذَلِك أَوْلَاد الزَّانِيَة لم يلْزمهُم وَقد علمنَا نَحن وهم يَقِينا أَن رجلَيْنِ مُسلمين لَو خرجا فِي سفر فَأَغَارَ أَحدهمَا على قَرْيَة من قرى دَار الْحَرْب فَقتل كل رجل بَالغ فِيهَا وَأخذ جَمِيع أَمْوَالهم وسبى ذَرَارِيهمْ ثمَّ خمس ذَلِك بِحكم الإِمَام الْعدْل وَوَقع فِي حَظه أَطْفَال قد تولى هُوَ قتل آبَائِهِم وسبى أمهاتهم ووقعن أَيْضا بِالْقِسْمَةِ الصَّحِيحَة فِي حِصَّته فنكحهن وَصرف أَوْلَادهنَّ فِي كنس حشوشه وخدمة دوابه وحرثه وحصاده وَلم يكلفهم من ذَلِك إِلَّا مَا يُطِيقُونَ وكساهم وَأنْفق عَلَيْهِم بِالْمَعْرُوفِ كَمَا أَمر الله تَعَالَى فَإِن حَقه وَاجِب عَلَيْهِم بِلَا خلاف وَلَو أعتقهم فَإِنَّهُ منعم عَلَيْهِم وشكره فرض عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ لَو فعل ذَلِك بِمن اشْتَرَاهُ وهومسلم بعد وأغار الثَّانِي على قَرْيَة للْمُسلمين فَأخذ صبياناً من صبيانهم فاسترقهم فَقَط وَلم يقتل أحدا وَلَا سبى لَهُم حُرْمَة فربى الصّبيان أحسن تربية وَكَانُوا فِي قَرْيَة شقاء وَجهد وتعب وشظف عَيْش وَسُوء حَال فرفه مَعَايشهمْ وعلمهم الْعلم وَالْإِسْلَام وخولهم المَال ثمَّ أعتقهم فَلَا خلاف فِي أَنه لَا حق لَهُ عَلَيْهِم وَإِن ذمه وعداوته فرض عَلَيْهِم وَإنَّهُ لَو وطئ امْرَأَة مِنْهُنَّ وَهُوَ مُحصن وَكَانَ أحدهم قد ولي حكما للزمه شدخ رَأسه بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوت أَفلا يتَبَيَّن لكل ذِي عقل من أهل الْإِسْلَام إِنَّه لَا محسن وَلَا منعم إِلَّا الله تَعَالَى وَحده لَا شريك لَهُ إِلَّا من سَمَّاهُ الله تَعَالَى محسناً أَو منعماً وَلَا شكر لَازِما لأحد على

<<  <  ج: ص:  >  >>