يَوْم وَقَالَ بَعضهم إِن لبثتم إِلَّا عشرا ثمَّ الدَّار الْخَامِسَة هِيَ عَالم الْبَعْث وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ عَالم الْحساب ومقداره خَمْسُونَ ألف سنة قَالَ تَعَالَى {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلاً أَنهم يرونه بَعيدا ونراه قَرِيبا يَوْم تكون السَّمَاء كَالْمهْلِ وَتَكون الْجبَال كالعهن وَلَا يسْأَل حميم حميماً يبصرونهم يود المجرم لَو يفتدي من عَذَاب يَوْمئِذٍ ببنيه} فصح أَنه يَوْم الْقِيَامَة وَبِهَذَا أَيْضا جَاءَت الْأَخْبَار الثَّابِتَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما الْأَيَّام الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى فِيهَا أَن الْيَوْم مِنْهَا ألف سنة فَهِيَ آخر قَالَ تَعَالَى {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} فَهِيَ أَيَّام أخر بِنَصّ الْقُرْآن وَلَا يحل إِحَالَة نَص عَن ظَاهره بِغَيْر نَص آخر أَو إِجْمَاع بِيَقِين أَو ضَرُورَة حس ثمَّ الدَّار السَّادِسَة وَالسَّابِعَة داران للجزاء وهما الْجنَّة وَالنَّار وهما داران لَا آخر لَهما وَلَا فنَاء لَهما وَلَا لمن فيهمَا نَعُوذ بِاللَّه من سخطه الْمُوجب للنار ونسأله الرضى مِنْهُ الْمُوجب للجنة وَمَا تَوْفِيقًا إِلَّا بِاللَّه الرَّحِيم الْكَرِيم وَأما من قَالَ أَن قَوْله تَعَالَى فِي يَوْم الْقِيَامَة إِنَّمَا هُوَ مِقْدَار خمسين ألف سنة لَو تولى ذَلِك الْحساب غَيره فَهُوَ مكذب لرَبه تَعَالَى مُخَالف لِلْقُرْآنِ وَلقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طول ذَلِك الْيَوْم وبضرورة الْعقل نَدْرِي أَنه لَو كلف جَمِيع أهل الأَرْض محاسبة أهل حصروا وَاحِد فِيمَا أضمروه وفعلوه وموازنة كل ذَلِك مَا قَامُوا بِهِ فِي ألف ألف عَام فَبَطل هَذَا القَوْل الْكَاذِب بِيَقِين لَا شكّ فِيهِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَإِذ قد بَينا بطلَان قَول الْمُعْتَزلَة فِي تحكمهم على رَبهم وإيجابهم عَلَيْهِ مَا أوجبوا بآرائهم السخيفة وتشبيههم إِيَّاه بِأَنْفسِهِم فِيمَا يحسن مِنْهُم ويقبح وتجويزهم إِيَّاه فِيمَا فعل وَقضى وَقدر فلنبين بحول الله وقوته أَنهم المجورون لَهُ على الْحَقِيقَة لَا نَحن ثمَّ نذْكر مَا نَص الله تَعَالَى عَلَيْهِ مُصدقا لقولنا ومكذباً لقَولهم وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَنَقُول وَبِاللَّهِ عز وَجل نتأيد أَن من الْمحَال الْبَين أَن يَقُول الْمُعْتَزلَة أننا نجور الله تَعَالَى وَنحن نقُول أَنه لَا يجور الْبَتَّةَ وَلَا جَار قطّ وَإِن كل مَا فعل أَو يفعل أَي شئ كَانَ فَهُوَ الْعدْل وَالْحق وَالْحكمَة على الْحَقِيقَة لَا شكّ فِي ذَلِك وَأَنه لَا جور إِلَّا مَا سَمَّاهُ الله عز وَجل جوراً وَهُوَ مَا ظهر فِي عصاة عباده من الْجِنّ وَالْإِنْس مِمَّا خَالف أمره تَعَالَى وَهُوَ خالقه فيهم كَمَا شَاءَ فَكيف يكون مجور إِلَيْهِ عز وَجل من هَذِه هِيَ مقَالَته وَإِنَّمَا المجور لرَبه تَعَالَى من يَقُول فِيمَا أخبر الله عز وَجل أَنه خلقه هَذَا جور وظلم فَإِن قَابل هَذَا القَوْل لَا يَخْلُو ضَرُورَة من أحد وَجْهَيْن لَا ثَالِث لَهما إِمَّا أَنه مكذب لرَبه عز وَجل فِي إخْبَاره فِي الْقُرْآن أَنه برأَ المصائب كلهَا وخلقها وَأَنه تَعَالَى خلقنَا وَمَا نعمل وَأَنه خلق كل شئ بِقدر محرف لكَلَام ربه تَعَالَى الَّذِي هُوَ غَايَة الْبَيَان عَن موَاضعه مبدل لَهُ بَعْدَمَا سَمعه وَقد نَص الله تَعَالَى فِيمَن يحرف الْكَلم عَن موَاضعه ويبدله بعد مَا سَمعه مَا نَص فَهَذَا خطه كفران التزامها وَالثَّانيَِة وَهِي تَصْدِيق الله عز وَجل فِي إخْبَاره بذلك وتجويزه فِي فعله لَا بُد لَهُ من ذَلِك وَهَذِه أَيْضا خطة كفران التزامها أَو الِانْقِطَاع والتناقض والثبات على اعْتِقَاد الْبَاطِل بِلَا حجَّة تقليداً للعيارين الشطار الْفُسَّاق كالنظام والعلاف وَبشر نخاس الرَّقِيق وَمعمر الْمُتَّهم عِنْدهم فِي دينه وثمامة الخليع الْمَشْهُور بالقبايح والجاحظ وَهُوَ من عرف هزلا وعيارة وإنهما لَا وَهَذِه أسلم الْوُجُوه لَهُم ونعوذ بِاللَّه من مثلهَا ثمَّ هم بعد هَذَا صنفان أَصْحَاب الْأَصْلَح وَأَصْحَاب اللطف فَأَما أَصْحَاب اللطف فَإِن أَصْحَاب الْأَصْلَح يصفونهم بِأَنَّهُم مجورون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute