للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عز وَجل من طَرِيق الِاسْتِدْلَال فقد أسقطوا صفة الْقُدْرَة إِذْ لَيْسَ الِاسْتِدْلَال على كَونه عَالما بأصح لَا أولى من الِاسْتِدْلَال على كَونه قَادِرًا لَا سِيمَا مَعَ قَول بولس وَهُوَ عِنْدهم فَوق الْأَنْبِيَاء أَن الْمَسِيح قدرَة الله وَعلمه تَعَالَى قَالَ هَذَا النَّص فِي رسَالَته الأولى إِلَى أهل قريته فليضيفوا إِلَى هَذِه الثَّلَاث صفة رَابِعَة وَهِي الْقُدْرَة وَأُخْرَى وَهِي السّمع وَأُخْرَى وَهِي الْبَصَر وَأُخْرَى وَهِي الْكَلَام وَأُخْرَى وَهِي الْعقل وَأُخْرَى وَهِي الْحِكْمَة وَأُخْرَى وَهِي الْجُود فَإِن قَالُوا الْقُدْرَة هِيَ الْحَيَاة قيل لَهُم وَالْعلم هُوَ الْحَيَاة فَإِن قَالُوا لَيْسَ الْعلم الْحَيَاة لِأَنَّهُ قد يكون حَيّ لَيْسَ عَالما كَالْمَجْنُونِ قيل لَهُم قد يكون حَيّ لَيْسَ قَادِرًا كالمغشي عَلَيْهِ وَنَحْو ذَلِك فالقدرة لَيست الْحَيَاة وَأَيْضًا فَإِن كَانَ الابْن هُوَ الْعلم وروح الْقُدس هُوَ الْحَيَاة فَمَا بَال إقحامهم الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَنه الابْن وروح الْقُدس أَتَرَى الْمَسِيح هُوَ حَيَاة الله وَعلمه وَمَا بَال قَول بَعضهم أَن مَرْيَم ولدت ابْن الله أتراها ولدت علم الله أَيكُون فِي التَّخْلِيط أَكثر من هَذَا وَهل حط الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام من علم الله وحياته إِلَّا كحظ غَيره وَلَا فرق وَهَذَا لَا مخلص مِنْهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَقَالَ بَعضهم لما وجدنَا الْأَشْيَاء قسمَيْنِ حَيا وَلَا حَيا وَجب أَن يكون الْبَارِي عز وَجل حَيا وَلما وجدنَا الْحَيّ يَنْقَسِم قسمَيْنِ ناطقاً وَغير نَاطِق وَجب أَن يكون الْبَارِي تَعَالَى ناطقاً

قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَهَذَا الْكَلَام فِي غَايَة الكلال لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن هَذِه الْقِسْمَة قسْمَة طبيعية وَاقعَة تَحت جنس لِأَنَّهُ إِذا كَانَ تَسْمِيَة الْبَارِي تَعَالَى حَيا إنماا هُوَ من هَذَا الْوَجْه فَهُوَ إِذا يَقع مَعَ سَائِر الْأَحْيَاء تَحت جنس الْحَيّ وَيحد بِحَدّ الْحَيّ وبحد النَّاطِق وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ مركب من جنسه وفصله وكل مَا كَانَ محدوداً فَهُوَ متناه وكل مَا كَانَ مركبا فَهُوَ مُحدث وَالْوَجْه الثَّانِي أَن هَذِه الْقِسْمَة الَّتِي قسموها منقوضة مموهة لِأَنَّهُ يلْزمهُم أَن يبدؤا بِأول الْقِسْمَة الَّذِي هُوَ أقرب إِلَى الطبيعة فيقولوا وجدنَا الْأَشْيَاء جوهراً وَلَا جوهراً ثمَّ يدخلوه تَحت أَي الْقسمَيْنِ شاؤا وهم إِنَّمَا يدخلونه تَحت الْجَوْهَر فَإِذا أدخلوه تَحت الْجَوْهَر فقد وَجب ضَرُورَة أَن يحدوه بِحَدّ الْجَوْهَر فَإِذا كَانَ ذَلِك وَجب أَن يكون مُحدثا إِذْ كل مَحْدُود فَهُوَ مُحدث كَمَا قد بَيناهُ ثمَّ نعترضهم فِي قسمتهم من قبل أَن يبلغُوا إِلَى الْحَيّ النَّاطِق وعَلى بعض الْقسم قبله يَقع الثَّانِي وَهَذِه كلهَا مخلوقات فَلَو كَانَ الْبَارِي تَعَالَى بَعْضهَا أَو كَانَت هَذِه الصِّفَات وَاقعَة عَلَيْهِ من طَرِيق وجوب وُقُوعهَا علينا لَكَانَ مخلوقاً تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَقَالَ بَعضهم لما كَانَت الثَّلَاثَة تجمع الزَّوْج والفرد وَهَذَا أكمل الْأَعْدَاد وَجب أَن يكون الْبَارِي تَعَالَى كَذَلِك لِأَنَّهُ غَايَة الْكَمَال

<<  <  ج: ص:  >  >>