للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جمع بَينهمَا وَلَا خلاف بَين أحد من أهل التَّمْيِيز فِي أَن كل مُؤمن فِي الأَرْض فِي أَنه يُغطي أَشْيَاء كَثِيرَة وَلَا خلاف بَين أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَنه لَا يجوز أَن يُطلق عَلَيْهِ من أجل ذَلِك الْكفْر وَلَا الشّرك وَلَا أَن يُسمى كَافِرًا وَلَا مُشْركًا وَصَحَّ يَقِينا أَن الله تَعَالَى نقل اسْم الْكفْر والشرك إِلَى إِنْكَار أَشْيَاء لم تعرفها الْعَرَب وَإِلَى أَعمال لم تعرفها الْعَرَب قطّ كمن جحد الصَّلَاة أَو صَوْم رَمَضَان أَو غير ذَلِك من الشَّرَائِع الَّتِي لم تعرفها الْعَرَب قطّ حَتَّى أنزل الله تَعَالَى بهَا وحيه أَو كمن عبد وثناً فَمن أَتَى بِشَيْء من تِلْكَ الْأَشْيَاء سمي كَافِرًا أَو مُشْركًا وَمن لم يَأْتِ بِشَيْء من تِلْكَ الْأَشْيَاء لم يسم كَافِرًا وَلَا مُشْركًا وَمن خَالف هَذَا فقد كَابر الْحس وَجحد العيان وَخَالف الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَالسّنَن وَإِجْمَاع الْمُسلمين وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَاخْتلف النَّاس فِي قَول الْمُسلم أَنا مُؤمن فروينا عَن ابْن مَسْعُود وَجَمَاعَة من أَصْحَابه الأفاضل وَمن بعده من الْفُقَهَاء أَنه كره ذَلِك وَكَانَ يَقُول أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله وَقَالَ بَعضهم آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَكَانُوا يَقُولُونَ من قَالَ أَنا مُؤمن فَلْيقل إِنَّه من أهل الْجنَّة

قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَهَذَا ابْن مَسْعُود وَأَصْحَابه حجج فِي اللُّغَة فَأَيْنَ جهال المرجئة المموهون فِي نصر بدعتهم

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالْقَوْل عندنَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِن هَذِه صفة يعلمهَا الْمَرْء من نَفسه فَإِن كَانَ يدْرِي أَنه مُصدق بِاللَّه عز وَجل وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِكُل مَا أَتَى بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَأَنه يقر بِلِسَانِهِ بِكُل ذَلِك فَوَاجِب عَلَيْهِ أَن يعْتَرف بذلك كَمَا أَمر تَعَالَى إِذْ قَالَ تَعَالَى {وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث} وَلَا نعْمَة أوكد وَلَا أفضل وَلَا أولى بالشكر من نعْمَة الْإِسْلَام فَوَاجِب عَلَيْهِ أَن يَقُول أَنا مُؤمن مُسلم قطعا عِنْد الله تَعَالَى فِي وقتي هَذَا وَلَا فرق بَين قَوْله أَنا مُؤمن مُسلم وَبَين قَوْله أَنا أسود أَو أَنا أَبيض وَهَكَذَا سَائِر صِفَاته الَّتِي لَا يشك فِيهَا وَلَيْسَ هَذَا من بَاب الامتداح وَالْعجب فِي شَيْء لِأَنَّهُ فرض عَلَيْهِ أَن يحقن دَمه بِشَهَادَة التَّوْحِيد قَالَ تَعَالَى {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ من رَبهم لَا نفرق بَين أحد مِنْهُم وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} وَقَول ابْن مَسْعُود عندنَا صَحِيح لِأَن الْإِسْلَام وَالْإِيمَان اسمان منقولان عَن موضوعهما فِي اللُّغَة إِلَى جَمِيع الْبر والطاعات فَإِنَّمَا منع ابْن مَسْعُود من القَوْل بِأَنَّهُ مُسلم مُؤمن على معنى أَنه مستوف لجَمِيع الطَّاعَات وَهَذَا صَحِيح وَمن ادّعى لنَفسِهِ هَذَا فقد كذب بِلَا شكّ وَمَا منع رَضِي الله عَنهُ من أَن يَقُول الْمَرْء أَنِّي مُؤمن بِمَعْنى مُصدق كَيفَ وَهُوَ يَقُول قل آمَنت بِاللَّه وَرُسُله أَي صدقت وَأما من قَالَ فَقل أَنَّك فِي الْجنَّة فَالْجَوَاب أننا نقُول إِن متْنا على مَا نَحن عَلَيْهِ الْآن فَلَا بُد لنا من الْجنَّة بِلَا شكّ وبرهان ذَلِك أَنه قد صَحَّ من نُصُوص الْقُرْآن وَالسّنَن وَالْإِجْمَاع أَن من آمن بِاللَّه وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِكُل مَا جَاءَ بِهِ أَو لم يَأْتِ بِمَا هُوَ كفر فَإِنَّهُ فِي الْجنَّة إِلَّا أننا لَا نَدْرِي مَا يفعل بِنَا فِي الدُّنْيَا وَلَا نَأْمَن مكر الله تَعَالَى وَلَا إضلاله وَلَا كيد الشَّيْطَان وَلَا نَدْرِي مَاذَا نكسب غَدا ونعوذ بِاللَّه من الخذلان

قَالَ أَبُو مُحَمَّد اخْتلف النَّاس فِي تَسْمِيَة المذنب من أهل ملتنا فَقَالَت المرجئة هُوَ مُؤمن كَامِل الْإِيمَان وَإِن لم يعْمل خيرا قطّ وَلَا كف عَن شَرّ قطّ وَقَالَ بكر بن أُخْت

<<  <  ج: ص:  >  >>