للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجنَّة فَهَذَا على الموازنة الَّتِي رَبنَا عز وَجل عَالم بمراتبها ومقاديرها وَإِنَّمَا تقف حَيْثُ وقفنا الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) واستدركنا قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَاتل نَفسه حرم عَلَيْهِ الْجنَّة وَأوجب لَهُ النَّار مَعَ قَوْله من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً من قلبه حرم عَلَيْهِ النَّار وَأوجب لَهُ الْجنَّة

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا ينْطق عَن الْهوى أَن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} فصح أَن كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كُله وَحي من عِنْد الله تَعَالَى وَقَالَ عز وَجل {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} فصح أَن مَا قَالَه رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن عِنْد الله تَعَالَى وَأَنه لَا اخْتِلَاف فِي شئ مِنْهُ وَأَنه كُله مُتَّفق عَلَيْهِ فَإذْ ذَلِك كَذَلِك فَوَاجِب ضم هَذِه الْأَخْبَار بَعْضهَا إِلَى بعض فيلوح الْحق حِينَئِذٍ بحول الله وقوته فَمَعْنَى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَاتِل حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة وَأوجب لَهُ النَّار مَبْنِيّ على الموازنة فَإِن رجحت كَبِيرَة قَتله نَفسه على حَسَنَاته حرم الله عيله الْجنَّة حَتَّى يقْتَصّ مِنْهُ بالنَّار الَّتِي أوجبهَا الله تَعَالَى جَزَاء على فعله وبرهان هَذَا الحَدِيث الَّذِي أسلم وَهَاجَر مَعَ عَمْرو بن الحممة الدوسي ثمَّ قتل نَفسه لجراح جرح بِهِ فتألم بِهِ فَقطع عروق يَده فنزف حَتَّى مَاتَ فَرَآهُ بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَال حَسَنَة الا يَده وذكرا قيل لَهُ لن يصلح مِنْك مَا افسدت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ وليديه فَاغْفِر وَمعنى قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً من قلبه حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَأوجب لَهُ الْجنَّة فَهَذَا لَا يخْتَلف فِيهِ مسلمان أَنه لَيْسَ على ظَاهره مُنْفَردا لَكِن يضمه إِلَى غَيره من الْإِيمَان لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والبراءة من كل دين حاشا دين الْإِسْلَام وَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ أَن الله عز وَجل أوجب لَهُ الْجنَّة وَلَا بُد إِمَّا بعد الاقتصاص وَإِمَّا دون الاقتصاص على مَا توجبه الموازنة وَحرم الله عَلَيْهِ أَن يخلد فِيهَا وَيكون من أَهلهَا القاطنين فِيهَا على مَا بَيْننَا قبل من قَوْله تَعَالَى {لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى} {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} {وَمَا تَفعلُوا من خير فَلَنْ تكفرُوا} وَقَوله تَعَالَى {يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} فنص الْآيَة أَنَّهَا فِي الْكفَّار هَكَذَا فِي نَص الْآيَة

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأما الْكَفَّارَة فَإِن الله تَعَالَى قَالَ {أَن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا}

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَمن الْمحَال أَن يحرم الله تَعَالَى علينا أمرا وَيفرق بَين أَحْكَامه وَيجْعَل بعضه مغفوراً باجتناب بعض ومؤاخذاً بِهِ إِن لم يجْتَنب الْبَعْض الآخر ثمَّ لَا يبين لنا المهلكات من غيرعا فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَوَجَدنَا قوما يَقُولُونَ أَن كل ذَنْب فَهُوَ كَبِيرَة

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا خطأ لِأَن نَص الْقُرْآن مفرق كَمَا قُلْنَا بَين الْكَبَائِر وَغَيرهَا وبالضرورة

<<  <  ج: ص:  >  >>