(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَأَما الْأزَارِقَة فاحتجوا بقول الله تَعَالَى حاكياً عَن نوع نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا أَنَّك إِن تذرهم يضلوا عِبَادك وَلَا يلدوا إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا} وَيَقُول رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن خَدِيجَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت يَا رَسُول الله أَيْن أطفالي مِنْك قَالَ فِي الْجنَّة قَالَت فأطفالي من غَيْرك قَالَ فِي النَّار فأعادت عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا إِن شِئْت أسمعتك تضاغيهم وَبِحَدِيث آخر فِيهِ الوائدة والموؤدة فِي النَّار وَقَالُوا إِن كَانُوا عنْدكُمْ فِي الْجنَّة فهم مُؤمنين لِأَنَّهُ لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة فَإِن كَانُوا مُؤمنين فيلزمكم أَن تدفنوا أَطْفَال الْمُشْركين مَعَ الْمُسلمين وَأَن لَا تتركوه يلْتَزم إِذا بلغ دين أَبِيه فَتكون ردة وخروجاً عَن الْإِسْلَام وَالْكفْر وَيَنْبَغِي لكم أَن ترثوه وتورثوه من أَقَاربه من الْمُسلمين (قَالَ أَبُو مُحَمَّد) هَذَا كل مَا احتجرا بِهِ مَا يعلم لَهُم حجَّة غير هَذَا أصلا وَكله لَا حجَّة لَهُم فِيهِ الْبَتَّةَ أما قَول نوح عَلَيْهِ السَّلَام فَلم يقل ذَلِك على كفار قومه خَاصَّة لِأَن الله تَعَالَى قَالَ لَهُ {إِنَّه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} فأيقن نوح عَلَيْهِ السَّلَام بِهَذَا الْوَحْي أَنه لَا يحدث فيهم مُؤمن أبدا وَإِن كل من ولدوه إِن ولدوه لم يكن إِلَّا كَافِرًا وَلَا بُد وَهَذَا هُوَ نَص الْآيَة لِأَنَّهُ تَعَالَى حُكيَ أَنه قَالَ {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} وَإِنَّمَا أَرَادَ كفار وقته الَّذين كَانُوا على الأَرْض حِينَئِذٍ فَقَط وَلَو كَانَ للأزارقة أدنى علم وَفقه لعلموا أَن هَذَا من كَلَام نوح عَلَيْهِ السَّلَام لَيْسَ على كل كَافِر لَكِن على قوم نوح خَاصَّة لِأَن إِبْرَاهِيم ومحمداً صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم كَانَ أبواهما كَافِرين مُشْرِكين وَقد ولدا خير الْإِنْس وَالْجِنّ قد من الْمُؤمنِينَ وأكمل النَّاس إِيمَانًا وَلَكِن الْأزَارِقَة كَانُوا أعراباً جُهَّالًا كالأنعام بل هم أضلّ سَبِيلا وَهَكَذَا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَرِيق الْأسود بن سريع التَّمِيمِي أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ أَو لَيْسَ خياركم أَوْلَاد الْمُشْركين
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهل كَانَ أفاضل الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم الَّذين يتولاهم الْأزَارِقَة كَابْن أبي قُحَافَة وَعمر بن الْخطاب وَخَدِيجَة أم الْمُؤمنِينَ وَغَيرهم رَضِي الله عَنْهُم إِلَّا أَوْلَاد الْكفَّار فَهَل ولد آباؤهم كفَّارًا أَو هَل ولدُوا إِلَّا أهل الْإِيمَان الصَّرِيح ثمَّ آبَاء الْأزَارِقَة أنفسهم كوالد نَافِع ابْن الْأَزْرَق وَغَيرهم من شيوخهم هَل كَانُوا إِلَّا أَوْلَاد الْمُشْركين وَلَكِن من يضل الله فَلَا هادي لَهُ وَأما حَدِيث خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا فساقط مطرح لم يروه قطّ من فِيهِ خير وَأما حَدِيث الوائدة فَإِنَّهُ جَاءَ كَمَا نذكرهُ حَدثنَا يُوسُف بن عبد الْبر أَنا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان حَدثنَا قَاسم بن اصبغ حَدثنَا بكر بن حَمَّاد حَدثنَا مُسَدّد عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان التَّمِيمِي قَالَ سَمِعت دَاوُد بن أبي هِنْد يحدث عَن عَامر الشّعبِيّ عَن عَلْقَمَة ابْن قيس عَن سَلمَة بن يزِيد الْجعْفِيّ قَالَ