(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلَو علم الْفَاسِق أَن هَذَا القَوْل أعظم حجَّة عَلَيْهِ لم ينْطق بِهَذَا السخف لِأَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أول من قَاتل حِين افترق النَّاس فَكل مَا لحق المقتتلين مِنْهُم من حسن الظَّن بهم أَو من سوء الظَّن بهم فَهُوَ لَا حق لعَلي فِي قِتَاله وَلَا فرق بَينه وَبَين سَائِر الصَّحَابَة فِي لَك كُله وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَإِن خصّه متحكم كَانَ كمن خصّه غَيره مِنْهُم متحكماً وَلَا فرق وَأَيْضًا فَإِن اقتتالهم رَضِي الله عَنْهُم أَو كد برهَان على أَنهم لم يغاروا على مَا رَأَوْهُ بَاطِلا بل قَاتل كل فريق مِنْهُم على مَا رَأَوْهُ حَقًا وَرَضي بِالْمَوْتِ دون الصَّبْر على خلاف مَا عِنْده وَطَائِفَة مِنْهُم قعدت إِذْ لم تَرَ الْحق فِي الْقِتَال فَدلَّ عَليّ بِأَنَّهُ لَو كَانَ عِنْدهم نَص على عَليّ أَو عِنْد وَاحِد مِنْهُم لأظهروه أَو لأظهره كَمَا أظهرُوا مَا رَأَوْا أَن يبدلوا أنفسهم لِلْقِتَالِ وَالْمَوْت دونه فَإِن قَالُوا قد أقررتم أَنه لَا بُد من إِمَام فَبِأَي شَيْء يعرف الإِمَام لَا سِيمَا وَأَنْتُم خَاصَّة معشر أهل الظَّاهِر لَا تأخذون إِلَّا بِنَصّ قُرْآن أَو خبر صَحِيح وَهَذَا أَيْضا مِمَّا سَأَلنَا عَنهُ أَصْحَاب الْقيَاس والرأي
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فجوابنا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَص على وجوب الْإِمَامَة وَأَنه لَا يحل بَقَاء لَيْلَة دون بيعَة وافترض علينا بِنَصّ قَوْله الطَّاعَة للقرشي إِمَامًا وَاحِد أَلا يُنَازع إِذا قادنا بِكِتَاب الله عز وَجل فصح من هَذِه النُّصُوص النَّص على صفة الإِمَام الْوَاجِب طَاعَته كَمَا صَحَّ النَّص على صفة الإِمَام الْوَاجِب طَاعَته كَمَا صَحَّ النَّص على صفة الشُّهُود فِي الْأَحْكَام وَصفَة الْمَسَاكِين والفقراء الْوَاجِب لَهُم الزَّكَاة وَصفَة من يؤم فِي الصَّلَاة وَصفَة من يجوز نِكَاحهَا من النِّسَاء وَكَذَلِكَ سَائِر الشَّرِيعَة كلهَا وَلَا يحْتَاج إِلَى ذكر الْأَسْمَاء إِذْ لم يكلفنا الله عز وَجل ذَلِك فَكل قرشي بَالغ عَاقل بَادر إِثْر موت الإِمَام الَّذِي لم يعْهَد إِلَى أحد فَبَايعهُ وَاحِد فَصَاعِدا فَهُوَ الإِمَام الْوَاجِب طَاعَته مِمَّا قادنا بِكِتَاب الله تَعَالَى وبسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي أَمر الْكتاب باتباعها فَإِن زاغ عَن شَيْء مِنْهُمَا منع من ذَلِك وأقيم الْحَد وَالْحق فَإِن لم يُؤثر أَذَاهُ إِلَّا بخلعه خلع وَولي غَيره وَمِنْهُم فَإِن قَالُوا قد اخْتلف النَّاس فِي تَأْوِيل الْقُرْآن وَالسّنة وَمنع من تأويلهما بِغَيْر نَص آخر قُلْنَا أَن التَّأْوِيل الَّذِي لم يقم عَلَيْهِ برهَان تَحْرِيف الْكَلم عَن موَاضعه وَقد جَاءَ النَّص بِالْمَنْعِ من ذَلِك وَلَيْسَ الِاخْتِلَاف حجَّة وَإِنَّمَا الْحجَّة فِي نَص الْقُرْآن وَالسّنَن وَمَا اقْتَضَاهُ لَفْظهمَا الْعَرَبِيّ الَّذِي خوطبنا بِهِ وَبِه ألزمتنا الشَّرِيعَة
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) ثمَّ نسألهم فَنَقُول لَهُم أَن عُمْدَة احتجاجكم فِي إِيجَاب إمامتكم الَّتِي تدعيها جَمِيع فرقكم إِنَّمَا هِيَ وَجْهَان فَقَط أَحدهمَا النَّص الَّذِي عَلَيْهِ باسمه وَالثَّانِي شدَّة الْفَاقَة إِلَيْهِ فِي بَيَان الشَّرِيعَة إِذْ علمهَا عِنْده لَا عِنْد غَيره وَلَا مزِيد فَأَخْبرُونِي بِأَيّ شَيْء صَار مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن أولى بِالْإِمَامَةِ من أخوته زيد وَعَمْرو وَعبد الله وَعلي وَالْحُسَيْن فَإِن ادعوا نصا من أَبِيه عَلَيْهِ أَو من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه الباقر لم يكن ذَلِك ببدع من كذبهمْ وَلم يَكُونُوا أولى بِتِلْكَ الدَّعْوَى من الكيسانية فِي دَعوَاهُم النَّص على ابْن حنيفَة وَإِن ادعوا أَنه كَانَ أفضل من اخوته كَانَت أَيْضا دَعْوَى بِلَا برهَان وَالْفضل لَا يقطع على مَا عِنْد الله عز وَجل فِيهِ بِمَا يَبْدُو من الْإِنْسَان فقد يكون بَاطِنه خلاف ظَاهر وَكَذَلِكَ يسْأَلُون أَيْضا مَا الَّذِي جعل مُوسَى بن جَعْفَر أولى بِالْإِمَامَةِ من أَخِيه مُحَمَّد وَإِسْحَاق أَو عَليّ فَلَا يَجدونَ إِلَى غير الدَّعْوَى سَبِيلا وَكَذَلِكَ أَيْضا يسْأَلُون مَا إِلَى خص عَليّ بن مُوسَى بِالْإِمَامَةِ دون اخوته وهم سَبْعَة عشر ذكرا فَلَا يَجدونَ شَيْئا غير الدَّعْوَى وَكَذَلِكَ يسْأَلُون مَا الَّذِي جعل مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى أولى بِالْإِمَامَةِ من أَخِيه عَليّ بن عَليّ وَمَا إِلَى جعل عَليّ بن مُحَمَّد أولى بِالْإِمَامَةِ من أَخِيه مُوسَى بن مُحَمَّد وَمَا