الْبَاطِل أَن يسْتَعْمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَا علم لَهُ وَهَذِه أكبر شَهَادَات على الْعلم وسعته فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَوَجَدنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ولي أَبَا بكر الصَّلَاة بِحَضْرَتِهِ طول علته وَجَمِيع أكَابِر الصَّحَابَة حُضُور كعلي وَعمر وَابْن مَسْعُود وَأبي وَغَيرهم فآثره بذلك على جَمِيعهم وَهَذَا خلاف استخلافه عَلَيْهِ السَّلَام إِذا غزا لِأَن الْمُسْتَخْلف فِي الْغَزْوَة لم يتسخلف إِلَّا على النِّسَاء وَذَوي الْأَعْذَار فَقَط فَوَجَبَ ضَرُورَة أَن نعلم أَن أَبَا بكر أعلم النَّاس بِالصَّلَاةِ وشرائعهما وَأعلم الْمَذْكُورين بهَا وَهِي عَمُود الدّين ووجدناه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اسْتَعْملهُ على الصَّدقَات فَوَجَبَ ضَرُورَة أَن عِنْده من علم الصَّدقَات كَالَّذي عِنْد غَيره من عُلَمَاء الصَّحَابَة لَا أقل وَرُبمَا كَانَ أَكثر إِذْ قد اسْتعْمل عَلَيْهِ السَّلَام أَيْضا عَلَيْهَا غَيره وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَام لَا يسْتَعْمل إِلَّا عَالما بِمَا اسْتَعْملهُ عَلَيْهِ وَالزَّكَاة ركن من أَرْكَان الدّين بعد الصَّلَاة وبرهان مَا قُلْنَا من تَمام علم أبي بكر رَضِي الله عَنهُ بالصدقات أَن الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي الزَّكَاة أَصَحهَا وَالَّذِي يلْزم الْعلم بِهِ وَلَا يجوز خِلَافه فَهُوَ حَدِيث أبي بكر ثمَّ الَّذِي من طَرِيق عمر وَأما من طَرِيق عَليّ فمضطرب وَفِيه مَا قد تَركه الْفُقَهَاء جملَة وَهُوَ أَن فِي خمس وَعشْرين من الْإِبِل خمس شِيَاه وَوجدنَا عَلَيْهِ السَّلَام قد اسْتعْمل أَبَا بكر على الْحَج فصح ضَرُورَة أَنه أعلم من جَمِيع الصَّحَابَة بِالْحَجِّ وَهَذِه دعائم الْإِسْلَام ثمَّ وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ السَّلَام قد اسْتَعْملهُ على الْبعُوث فصح أَن عِنْده من أَحْكَام الْجِهَاد مثل مَا عِنْد سَائِر من اسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْبعُوث فِي الْجِهَاد إِذْ لَا يسْتَعْمل عَلَيْهِ السَّلَام على الْعَمَل إِلَّا عَالما بِهِ فَعِنْدَ أبي بكر من الْجِهَاد من الْعلم بِهِ كَالَّذي عِنْد عَليّ وَسَائِر أُمَرَاء الْبعُوث لَا أَكثر وَلَا أقل فَإذْ قد صَحَّ التَّقَدُّم لأبي بكر على عَليّ وَغَيره فِي علم الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وساواه فِي علم الْجِهَاد فَهَذِهِ عُمْدَة الْعلم ثمَّ وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ السَّلَام قد ألزم نَفسه فِي جُلُوسه ومرآته وظعنه وإقامته أَبَا بكر مشَاهد أَحْكَامه عَلَيْهِ السَّلَام وفتاويه أَكثر من مُشَاهدَة عَليّ لَهَا فصح ضَرُورَة أَنه أعلم بهَا فَهَل بقيت من الْعلم بَقِيَّة إِلَّا وَأَبُو بكر الْمُتَقَدّم فِيهَا الَّذِي لَا يلْحق أَو المشارك الَّذِي لَا يسْبق فبطلت دَعوَاهُم فِي الْعلم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَأما الرِّوَايَة وَالْفَتْوَى فَإِن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ لم يَعش بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا سنتَيْن وَسِتَّة أشهر وَلم يُفَارق الْمَدِينَة إِلَّا حَاجا أَو مُعْتَمِرًا وَلم يحْتَج النَّاس إِلَى مَا عِنْده من الرِّوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن كل من حواليه أدركوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى ذَلِك كُله فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة حَدِيث وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثا مستندة وَلم يرو عَن عَليّ إِلَّا خمس مائَة وست وَثَمَانُونَ حَدِيثا مُسندَة يَصح مِنْهَا نَحْو خمسين وَقد عَاشَ بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزِيد من ثَلَاثِينَ سنة وَكثر لِقَاء النَّاس إِيَّاه وحاجتهم إِلَى مَا عِنْده لذهاب جُمْهُور الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَكثر سَماع أهل الأفاق مِنْهُ مرّة بصفين وأعواماً بِالْكُوفَةِ وَمرَّة بِالْبَصْرَةِ وَالْمَدينَة فَإِذا نسبنا مُدَّة أبي بكر من حَيَاته وأضفنا تقري (١) على الْبِلَاد بَلَدا بَلَدا وَكَثْرَة سَماع النَّاس مِنْهُ إِلَى لُزُوم أبي بكر موطنه وَأَنه لم تكْثر حَاجَة من حواليه إِلَى الرِّوَايَة عَنهُ ثمَّ نسبنا عدد حَدِيث من عدد حَدِيث وفتاوي من فتاوي علم كل ذِي حَظّ من الْعلم إِن الَّذِي كَانَ عِنْد أبي بكر من الْعلم أَضْعَاف مَا كَانَ عِنْد عَليّ مِنْهُ وبرهان على ذَلِك أَن من عمر من