للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقُرْآن كُله على ظهر قلب أقرأن مِمَّن جمعه كُله عَن ظهر قلب فَيكون ألفظ بِهِ وَأَحْسَنهمْ ترتيلاً هَذَا على أَن أَبَا بكر وَعمر وَعلي لم يستكمل أحد مِنْهُم حَظّ سور الْقُرْآن كُله ظَاهرا إِلَّا أَنه قد وَجب يَقِينا بِتَقْدِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر على الصَّلَاة وَعلي حَاضر إِن أَبَا بكر أَقرَأ من عَليّ وَمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقدم إِلَى الْإِمَامَة الْأَقَل علما بِالْقِرَاءَةِ على الأقرأ أَو الْأَقَل فقهاً على الأفقه فَبَطل أَيْضا شغبهم فِي هَذَا الْبَاب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَقَالَ قَائِلهمْ أَن عليا كَانَ أَتْقَاهُم

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) كذب هَذَا الأفاك وَلَقَد كَانَ على رَضِي الله عَنهُ تقيا إِلَّا أَن الْفَضَائِل يتفاضل فِيهَا أَهلهَا وَمَا كَانَ أَتْقَاهُم لله إِلَّا أَبُو بكر والبرهان على ذَلِك أَنه لم يسوء قطّ أَبُو بكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كلمة وَلَا خَالف إِرَادَته عَلَيْهِ السَّلَام فِي شَيْء قطّ وَلَا تَأَخّر عَن تَصْدِيقه وَلَا تردد عَن الإتمار لَهُ يَوْم الْحُدَيْبِيَة إِذْ تردد من تردد وَقد تظلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر إِذْ أَرَادَ نِكَاح ابْنة أبي جهل بِمَا قد عرف وَمَا وجدنَا قطّ لأبي بكر توقفاً عَن شَيْء أَمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا مرّة وَاحِدَة عذره فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَجَازَ لَهُ فعله وَهِي إِذا أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قبا فَوَجَدَهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر تَأَخّر فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أقِم مَكَانك فَحَمدَ الله تَعَالَى أَبُو بكر على ذَلِك ثمَّ تَأَخّر فَصَارَ فِي الصَّفّ وَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بِالنَّاسِ فَلَمَّا سلم قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مَنعك أَن تثبت حِين أَمرتك فَقَالَ أَبُو بكر مَا كَانَ لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يتَقَدَّم بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَهَذَا غَايَة التَّعْظِيم وَالطَّاعَة والخضوع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أنكر عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك عَلَيْهِ وَإِذ قد صَحَّ بالبرهان الضَّرُورِيّ الَّذِي ذكرنَا أَن أَبَا بكر أعلم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد وَجب أَنه أخشاهم لله عز وَجل قَالَ الله عز وَجل {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} والتقي هُوَ الخشية لله عز وَجل وَقَالَ قَائِلُونَ عَليّ كَانَ أزهدهم

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) كذب هُوَ الْجَاهِل وبرهان ذَلِك أَن الزَّاهِد إِنَّمَا هُوَ عزوب (١) النَّفس عَن حب الصَّوْت وَعَن المَال وَعَن اللَّذَّات وَعَن الْميل إِلَى الْوَلَد والحاشية لَيْسَ الزَّاهِد معنى يَقع عَلَيْهِ اسْم الزّهْد إِلَّا هَذَا الْمَعْنى فَأَما عزوب النَّفس عَن المَال فقد علم كل من لَهُ أدنى بصر بِشَيْء من الْأَخْبَار الخالية أَن أَبَا بكر أسلم وَله مَال عَظِيم قيل أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم فأنفقها كلهَا فِي ذَات الله تَعَالَى وَأعْتق الْمُسْتَضْعَفِينَ من العبيد الْمُؤمنِينَ الْمُعَذَّبين فِي ذَات الله عز وَجل وَلم يعْتق عبيدا جلدا يمنعونه (٢) لَكِن كل معذب ومعذبة فِي الله عز وَجل حَتَّى هَاجر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يبْق لأبي بكر من جَمِيع مَا لَهُ إِلَّا سِتَّة ألف دِرْهَم حملهَا كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يبْق لِبَنِيهِ مِنْهَا دِرْهَم ثمَّ أنفقها كلهَا فِي سَبِيل الله عز وَجل حَتَّى لم يبْق لَهُ شَيْء سوى عباءة لَهُ قد خللها بِعُود إِذا نزل افترشها وَإِذا ركب لبسهَا إِذْ تمول غَيره من الصَّحَابَة رَضِي الله عَن جَمِيعهم واقتنوا الرباع (٣) الواسعة والضياع الْعَظِيمَة من حلهَا وحقها إِلَّا أَن من آثر بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>